للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وندمانٍ ترادفه خُمارٌ ... فأورث في أنامله ارتعادا

فليس بمستقلِّ الكأس مالم ... تكن يسراه لليمنى عمادا

وقال:

وندمانِ صدقٍ باكرَ الراح سُحرةً ... فأضحى وما منه اللسان ولا القلبُ

فناولته كأساً جلت من خُمارِهِ ... وأتبعته أُخرى فثاب له لُبُّ

وقال الصنوبري:

ما دواء العقار [غير] العُقارِ ... لعليلٍ يُدعى قتيلَ الخُمارِ

فاشرب البكر من يد البكر واعلم ... أن خير الهوى هوى الأبكارِ

واصطبحها على ميادين خيريٍّ ووردٍ ونرجسٍ وبَهارِ

جمعت زرقة البنفسج مع خضرة آسٍ وحمرة الجُلنارِ

وقال عبد الله بن المعتز:

قُم يا نديمي قد قضيت لُبانةً ... في طول ليلِك من رقادك فاقعُدِ

فتداوَ من داءِ الخُمار بشُربةٍ ... تنفي الهمومَ وإن بدا لك فازددِ

قلت: الصبوح، فقال: هاتِ، [فقلت] ها خذها، فقال: أبت تطاوعني يدي وقال آخر:

وصرعغة مخمورٍ دفعتُ بقرقَفٍ ... وقد صرعتني بعد ذلك قرقَفُ

فقام يداوي صرعتي متعطِّفاً ... وكنتُ عليه قبلها أتعطَّفُ

نموت ونحيا تارةً بعد تارةٍ ... وتخلفنا لأأيدي السقاة وتتلفُ

وقال ابن أبي فنن:

لما بدا من أواخر الغلَس ... أقبل صُبح كغرَّةِ الفرس

نبهتُ ندماني إلى مسعدٍ ... زين بكاسٍ كشعلة القبس

فقلت خذ من أخيك صافية ... أطيب من نيل قبلة الخَلسِ

فقام من شدة الخمار له ... كف فروقٍ وقلب مفترسِ

وقال بعضهم:

إذا أنا ميزت الخمارَ وجدته ... يكدِّرُ ما في الخمر من لذَّة الخمر

فأحجم عن شرب النبيذ مخافة ... على جسدي من أن يئول إلى الضُّرِّ

وإن امرءاً يبتاع لهواً بصحةٍ ... له سكرةٌ تغنيه عن طلب السُّكر

[ذكر ما جاء في العربدة]

شرب الحسين بن الضحاك الخليع يوماً عند إبراهيم بن المهدي فجرت بينهما ملاحاة في الدِّين والمذهب، فدعا إبراهيم بالنطع والسيف وقد أخذ منه الشراب، فانصرف الحسين غضبان، فكتب إليه إبراهيم يعتذر من ذلك وسأله أن يجيبه فكتب إليه الحسين:

نديمي ليس منسوباً ... إلى شيءٍ من الحيفِ

سقاني مثل ما يشرب فِعلَ الضيف بالضَّيفِ

فلما دارت الكأس ... دعا بالنطع والسيفِ

كذا من يشرب الراح مع التنِّين في الصيف

ولم يعد إلى منادمته [ثم أن إبراهيم تحمَّل عليه ووصله فعاد إلى منادمته] .

وكان إبراهيم بن المهدي يلقب بهذا البيت أو لقب به من قبل.

ويقال أن عمر بن هبيرة الفزاري كان إذا سكر عربد على ندمائه وكان قصيراً، فقال يوماً لنديم له يقال له غيداق وكان طويلاً: أينا أطول، أنا أم أنت؟ فقلت: وقعت والله في شرٍّ، إن قلت أنت قال تهزأ بي، وإن قلت أنا، قال تحقرني، فقلت: أيها الأمير أنا أقصر منك ظهراً وأنت أطول مني ساقاً وفخذاً، فقال لي: ما أحسن ما خلصت منها.

وقال محمد بن خالد الأصفهاني:

لعمري بالنبيذ وشاربيه ... إذا شربوه زادهُم سكونا

وحيّا بعضهم بعضاً عليه ... ولم يُلفوا عليه مُعربدينا

فإياك النبيذ أحال بعدي ... فأورث من يعاقره جنونا

أرى الندماء قد رذلوا فليسوا ... كما كان النِّدام الأولونا

<<  <   >  >>