للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسقيكها خَنَثُ الأعطاف ذو هيفٍ ... كأن ألحاظه أفرقن من داءِ

لها شعاع على كفيه ملتهب ... كأن أطرافه عُلَّت بحناءِ

كأنه صبَّ سلسال المزاج على ... سبيكة من بنات التِّبر صفراءِ

وقال أيضاً:

داو الهمومَ بقهوةٍ عذراءِ ... وامزج بنار الراح نور الماءِ

لم يترك منها تقادُمُ عهدها ... في الدنِّ غير حشاشةٍ صفراء

بُزِلت كمثل سبيكة قد أُفرغت ... أو حية وثبت من الرمضاءِ

واستبدلت من طينةٍ مختومةٍ ... تفاحةً في رأسِ كل إناءِ

وقال ابن المعتز:

رب يومٍ عامر الكأس ظَلنا ... نقرع القهوة فيه بماء

في دجى الليل وطيِّ الحواشي ... مدنف الريح قصير البقاء

أسقط الأقطار حتى تثنى ... النور وابتل جناح الهواء

زمن مدَّ لنا في نعيم ... في صباحٍ غافلٍ ومساءِ

وقال دعبل:

شفاءُ ما ليس له شفاءُ

عذراء تختال بها عذراء

حتى إذا ما كُشف الغِطاء

وملكت أحلامنا الصهباءُ

وخطب الريح إلينا الماءُ

جرى لنا الدهر بما نشاءُ

وقال آخر:

مُرْ لي على رغم الحسود بقهوةٍ ... بكرٍ ربيبة حانةٍ عذراءِ

موج من الذهب المذاب تضمه ... كأس كقشرِ الدُّرة البيضاءِ

وقال البحتري:

إشرب على زهر الرِّياض يشوبه ... زهر الخدود وزهرة الصهباء

من قهوةٍ تُنسي الهموم وتبعث الشوق الذي قد ضلَّ في الأحشاء

يُخفي الزجاجة لونها فكأنها ... في الكف قائمة بغير إناءِ

ولها نسيم كالرياض تنفست في أوجه الأرواح والأنداءِ

وحبابها مثل الدموع ترددت ... في صحن خدِّ الكاعب الحسناءِ

يسقيكها رشأٌ يكاد يزيدها ... سكراً بفترةِ مقلةٍ حوراء

يسعى بها وبمثلها من طرفِهِ ... عوداً وإبداءً على الندماء

وقال ابن المعتز:

ملكته السلافة العذراءُ ... فلها ودُّ قلبه والصفاء

روح دنٍّ لها من الكأس جسمٌ ... هي فيه كالنار وهو هواء

فكأن النديم يلثُمُ منها ... كوكباً كفُّهُ عليه سماءُ

وكأن الحباب إذ مزجوها ... وردة فوق درةٍ بيضاءُ

وقال:

مررت بكرمةٍ جذبت ردائي ... سُقيت الغيث جاذبة الرداء

فقالت: لِم مررت ولم تُسلم ... وقد رويت عروقُك من دمائي

وقال الخليع:

فضَّت خواتمها والصبحُ منتبهٌ ... عن مثل رقرقة في جفن مرهاءِ

تمازج الروح في أقصى مداخلها ... كما تمازح أضواءٌ بأضواءِ

كأنما هي إذ صُبَّ المزاج بها ... سَلخ تجللها عن بطن رقشاء

وقال الصنوبري:

قم فاسقني كأساً كأن حبابها ... طلٌّ أحاط بوردة حمراء

والنجم في أُفق السماء كأنه ... عين تخالسُ أعين الرقباءِ

وقال دعبل بن عليّ:

شربت وصحبتي يوماً بغمرٍ ... شراباً كان من لطف هواءَ

وزَنَّا الكأس فارغةً وملأى ... فكان الوزن بينهما سواءَ

[حرف الباء]

قال أبو نواس:

أعاذلَ أعتبت الإمام وأعتبا ... وأعربت عمَّا في الضمير وأعربا

وقلت لساقينا أجزها فلم يكن ... ليأبى أمير المؤمنين وأشربا

فجوزها عني عُقاراً ترى لها ... إلى الشرف الأعلى شعاعاً مطنبا

إذا عبَّ فيها شارب القوم خلته ... يقبل في داجٍ من الليل كوكبا

ترى حيثما كانت ن البيت مشرقاً ... وما لم تكن فيه من البيت مغربا

يطوف بها ساقٍ أغنَّ ترى له ... على مستدار الخدِّ صُدغاً معقربا

سقاهم ومنانيّ بعينيه قُبلة ... فكانت إلى قلبي ألذ وأعجبا

وقال:

ساعٍ بكاسٍ إلى ناشٍ على طرب ... كلاهما عجبٌ في منظرٍ عجبِ

<<  <   >  >>