للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغصونٍ يخفقن فوق رياضٍ ... خفقان الأعلام فوق الصفوف

عبد الله بن ذكوان:

وعذراء بكرٍ في الصباح افتضضتها ... وحادي الدُّجى ينعي الظلام ويهتف

وقلت لأصحابي اشربوها فإنني ... بأمثالها رحب اليدين مكلفُ

فما نور الإصباح حتى رأيتهم ... سكارى وبعضٌ بعضهم ليس يعرفُ

فلما أفاقوا قلتُ عودوا لمثلها ... فعادوا فظلت كأسهم تتلقف

سرت فيهم راحٌ عقارٌ سلافةٌ ... يظلُّ أخوها بالأنامل يزحف

إذا صدمته الكأس ظلَّ كأنه ... أميرٌ على أعواده يتشرَّفُ

[حرف القاف]

[قال ابن المعتز] :

أتاني والإصباح ينهضُ في الدجى ... بصفراءَ لم تفسد بطبخٍ وإحراقِ

فناولنيها والثريا كأنها ... جنى نرجسٍ حيا الندامى به الساقي

الأمير تميم:

شربنا على نوح المطوَّقة الوُرقِ ... وأردية الروض المفوفةِ البلقِ

معتقةً أفنى الزمانُ وجودها ... فجاءت كفوت اللحظ أورقة العِشقِ

إلى أن تولى النجمُ وهو مغربٌ ... وأقبلن رايات الصباح من الشرق

كأن السحاب الغر أصبحن أكؤساً ... لنا وكأن الراح فيها سنى البرقِ

كأن سواد الليل والصبح طالعٌ ... بقية لطخ الكحلِ في الأعين الزرق

ابن المعتز:

أباح عيني لطول الليل والأرق ... وصاح إنسانها في الدمع بالغرق

ظبيٌ مُخلى من الأحزان أودعني ... ما يعلم الله من حزن ومن قلق

كأنه وكأن الكأس في فمه ... هلال أول شهر عبَّ في شفقِ

وقال:

وحمراءَ قبل المزج صفراء بعده ... أتت بين ثوبي نرجسٍ وشقائقِ

حكت وجنة المعشوق صرفاً فسلطوا ... عليها مزاجاً فاكتست لون عاشِقِ

ومن عرف الأيام لم يغترر بها ... وبادر باللذات قبل العوائق

وقال:

وندمانٍ دعوت فهبَّ نحوي ... وسلسلها كما انخرط العقيقُ

كأنَّ بكاسِها ناراً تلظى ... ولولا الماءُ كان لها حريقُ

كأن غمامة بيضاءَ بيني ... وبين الراح تحرقها البروقُ

وقال أبو نواس:

وكأس مدامةٍ في كفِّ ساق ... تضيء الليل مضروب الرِّواقِ

بلونٍ رقَّ حتى كاد يخفى ... على عيني، وطاب على المذاقِ

أتت من دونها الأيام حتى ... عدمنا جسمها والروح باقِ

وقال ابن المعتز:

قمر طالع وروض أنيقُ ... وغناءٌ حلوٌ وزمرٌ رقيقُ

وكئوسٌ كأنهنَّ قشور اللؤلؤ الرطب حشوُهُنَّ بروق

وحنين الأوتار حين هذا الليل وطابت لسامعيها الحلوق

آخر:

ومغرم باصطباح الراح باكرها ... في فتيةٍ باصطباح الراحِ حُذاق

فكل كفٍّ رآها ظنها قدحاً ... وكل شخصٍ رآه ظنَّه الساقي

ابن وكيع:

وشمس سلاف كأن العبير من ريح فائحها استنشقا

تناولها من يدي صاحبي ... وثوب دجا الليل قد أخلقا

فكان له فمُها مغرباً ... وكان لها خدُّه مشرقاً

وقال:

قم فاسقني صافيةً ... تهتك ستر الغسقِ

أما ترى الصبح بدا ... في ثوب ليلٍ خلقِ

أما ترى جوزاءَه ... كأنها في الأُفقِ

منطقةٌ من ذهبٍ ... فوق قِباءٍ أزرقِ

وقال:

وصفراء من ماءِ الكروم كأنها ... فراقٌ عدوٍّ أو لقاءُ صديقِ

كأن الحباب المستدير بطوقها ... كواكب درٍّ في سماء عقيقِ

صببت عليها الماء حتى تعوضت ... قميص بهارٍ من قميص شقيق

وقال:

سُكرانِ ما أنا منهما بمفيق ... ما عشت، سكرُ هوىً وسكر رحيق

قم يا غلام أدِر مدامك بيننا ... بالجام والطاسات والإبريق

لا سيما والرِّيح تحمل نحونا ... أنفاس مسكٍ في الرياض فتيق

<<  <   >  >>