للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتبسمن قائماتٍ صفوفاً ... فإذا ما ركعن قهقهن ضحِكا

قلتُ خذها وعاطنيها سلافاً ... ذهباً في الزجاج يُسبك سبكا

وقال آخر:

ومشمولةٍ صاغ المزاج لرأسها ... أكاليل درٍّ ما لمنظومها سِلك

جرت حركات الدهر فوق سكونها ... فجاءت كذوب التبر أخلصه السبك

يطوف بها ساق نبيلٌ بمبزلٍ ... كخنجر عيارٍ صناعته الفتكُ

وحُمٍّل آذريونةً فوق أذنه ... ككأس عقيق في قراراتها مِسكُ

وأدرك منها الآخرون بقية ... من الروح في جسم أضربه النهكُ

فردَّت علينا الشمس ترفل في الدجى ... فكان لستر الليل من نورها هتكُ

إذا سكنت قلباً تروَّح همُّه ... فطابت له دنياه واتسع الضنك

وما المُلك في الدنيا بهمٍّ وحسرةٍ ... ولكنما ملك السرور هو الملك

الحسين بن الضحاك:

ساقٍ ترى الشمس فوق راحته ... والليل في لجةٍ من الحلك

أُعطيه مشمولةً فيأخذها ... أخذَ عزيز أوفى على دركِ

كأنما نُصب كأسه قمرٌ ... يكرع في بعض أنجم الفلك

[حرف اللام]

قال أبو نواس:

وخيمة ناطور برأس منيفةٍ ... تهم يدا من رامها بزليل

وضعنا بها الأثقال قبل هجيرةٍ ... عبورية تُذكى بغير فتيلِ

حلبتُ لأصحابي بها دُرة الصبا ... بصفراء من ماء الكروم شكولِ

إذا ما أتت دون اللهاة من الفتى ... دعا همهُ من صدره برحيل

فلما توفى الشمس جنحٌ من الدُّجى ... تصابيت واستجهلتُ غير جهول

وأنزلت حاجاتي بحقوي مساعدٍ ... وإم كان أدنى صاحبٍ ودخيلِ

وعاطيت من أهوى الحديث كما بداوذللتُ صعباً كان غيرَ ذليلِ

فغنى وقد وسدت يسراي خدَّه ... ألا ربما طالبتُ غير مُنيل

كفى حزناً أن الجواد مقترٌ ... عليه ولا معروف عند بخيلِ

وقال:

يا رب صاحب حانةٍ قد رُعتُهُ ... فبعثته من نومه المتزمل

ولها دبيب في العظام كانه ... قبض النعاس وأخذه بالمفصل

مما تخيره التجار، ترى لها ... قرصاً إذا ذيقت كطعم الفُلفُلِ

عبقت كفوفهم بها فكأنما ... يتنازعون بها سِخاب قرنفلِ

تسقيكها كفُّ إليك حبيبةٌ ... لا بدَّ، إن بخلت وإن لم تبخلِ

وقال:

كان الشبابُ مطيةَ الجهل ... ومحسن الضحكات والهزلِ

كان الجميل إذا ارتديت به ... ومررت أخطر صيَّت النعلِ

كان الفصيحَ إذا نطقتُ به ... وأصاخت الآذان للمُمْلي

كان المشفع في مآربه ... عند الفتاة ومدرك التبلِ

والباعثي والناس قد رقدوا ... حتى أبيت خليفة البعلِ

والكأس أهواها وإن رزأت ... وفر المعاش وقللت فضلي

صفراء مجدها مرازبُها ... جلَّت عن النظراء والمثلِ

ذخرت لآدم قبل خلقته ... فتقدمته بخطوةِ القبل

فأتاك شيءٌ لا تلامسه ... إلا بلطفِ غريزة العقل

فإذا علاها الماءُ ألبسها ... حبباً شبيه خلاخل الحجلِ

حتى إذا سكنت جوامحها ... كتبت بمثل أكارع النملِ

خطين من شتى ومجتمع ... غفل من الإعجام والشكل

فاعذر أخاك فإنه رجلٌ ... مرنت مسامعه على العذل

وقال:

لا تُعرِّج بدارس الأطلالِ ... واسقنيها رقيقة السِّربال

مات أربابها وبادت قُراها ... وبراها الزمان بري الخلال

فهي بكر كأنها كلُّ شيءٍ ... حسنٍ طيِّبٍ لذيذٍ زلالِ

عتقت في الدِّنان حتى استعارت ... نور شمس الضحى وبرد الظلالِ

<<  <   >  >>