للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رواكعاً كلما حثَّ السقاةُ بها ... تلقى الكئوس بتكبيرٍ وتعظيم

فلم نزل ليلنا نُسقى مشعشعة ... كأنما الماءُ يغريها بتضريم

أبقى الجديدان من موجودها [عجباً] ورائحةً في غير تجسيم

حمراء، أو قلما أحمرَّت، موردة ... طافت علينا فسرَّت كل مهموم

كأن في كاسِها والماءُ يقرعُها ... أكارع النمل أو نقش الخواتيم

لا صاحبتني يدٌ لم تُغنِ ألف يدٍ ... ولم ترد القنا حُمرَ الخياشيم

بادر بجودك بادِرْ قبل عائقةٍ ... فإن مطل الفتى عندي، من اللوم

وقال:

أخذت من شبابي الأيام ... وتولى الصِّبا عليه السلام

وارعوى باطلي وبرَّ حديث النفسُ مني وعفت الأحلام

ونهاني الإمام عن سفه الكاس فرُدت على السقاة المُدام

ولقد حثَّ بالمدامة كفِّي ... غصن بانٍ عليه بدرُ تمام

عجبٌ يبهت العيون ويشتا ... قُ إليه التقبيل والالتزام

وندامايَ في شباب وحسنٍ ... أتلفت ما لهم نفوسٌ كرامُ

بين أقداحهم حديثٌ قصيرٌ ... هو سحرٌ وما سواه كلام

وغناءٌ يستعجل الراح بالراح كما ناح في الغصونِ الحمامُ

وكأن السقاة بين الندامى ... ألفاتٌ على السطور قيامُ

وقال:

قد نعى الديكُ الظلاما ... فاسقني الراح المُداما

قهوة بنت دنان ... عتقت خمسين عاما

خلتها في البيت جنداً ... صُفِّفوا حولي قياما

جعل العِلجُ لها من مدراتِ الطينِ هاما

معلماتٍ بمدادٍ ... خلته فيهن شاما

وتراها، وهي صرعى ... فرغٌ بين الندامى

مثل أبطال حروبٍ ... قُتلوا فيها كراما

وقال:

ألا عُج على دار السرور فسلم ... وقل: أين لذاتي وإن لم تكلم

وقل ما حلت بالعين بعدك لذة ... سواك فإن لم تعلمي ذاك فاعلمي

وصفراء من صبغ الهجير لرأسها ... إذا مزجت، إكليلُ درٍّ منظم

وقال:

يا رب يومٍ قد مضى ... بالقادسية لو يدوم

في ظل كرمٍ لا يطوف به الهجير ولا السمومُ

وسماؤه الورق الجديد وأرضه الوق الهشيم

ويحثني بالكاسِ ساقٍ ... لحظُ مقلتِهِ سقيمُ

أغرى بقبلته كما ... يُغرى بمرضعة فطيم

يا من يلوم على الهوى ... دعني فذا داءٌ قديم

وقال أبو نواس:

شُققتُ من الصِّبا واشتُقَّ مني ... كما اشتُقَّت من الركم الكروم

فلست أُسوفُ اللذات نفسي ... وأدفعها كما دفع الغريمُ

وندمان دعوت فهبَّ وهناً ... وقد أخذت مطالعها النجوم

أجر الزقَّ وهو يجر رجلاً ... يجوزُ بها النعاس، ويستقيم

إسحق الموصلي:

وصافية تغشى العيون رقيقةً ... رهينة عامٍ في الدنان وعام

أدرنا بها الكأس الروية موهناً ... من الليل حتى إنجاب كل ظلام

فما ذر قرن الشمس حتى رأيتها ... من العين تحكي أحمد بن هشام

الصنوبري:

وليلةٍ كالزخرف المُعلم ... محفوفة الظلماءِ بالأنجمِ

تعلق الصبحُ بأرجائها ... تعلق الأشقر بالأدهم

عدلتُ فيها بين خمرين من ... خمر العناقيد وخمر الفم

تناولُ الجام يدي من يدي ... موشية الراحة والمعصم

شبهتُ ذُوب الراح في جامها ... بذوبِ دينارٍ علىدرهم

وقال ابن المعتز:

يا خليليَّ هُبا ... واسقيانا المُداما

قد لبسنا صباحاً ... وخلعنا الظلاما

وتروم الثريا ... في الغروب المراما

كانكباب طمرٍ ... كاد يُلقي اللجاما

أبو محمد التيمي:

هلاَّ استعنت على الهموم ... صفراء من حلب الكروم

ووهبتَ للعيشِ الحميد بقية العيش الذميم

<<  <   >  >>