للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد راع ذاك قوماً على بعدٍ فصاحوا: الصلاة يا غافلينا

وقال أيضاً:

وقائلٍ لي: أفق يوماً، فقلت له ... من سكرة الحب أو من سكرة الكاسِ

لا أشرب الراح إلا من يدَيْ رشإٍ ... مهفهف كقضيب البان ميَّاسِ

قل للذي لام فيه هل ترى كَلِفاً ... بأملح الناسِ إلا أملح الناسِ

ومن الناس من يختار سقي الوصائف المقرطقات المنصَّقات المتشبهات بالغلمان رشاقةً وخفةً.

قال أبو نواس:

من كفِ ذات حِرٍ، في زيِّ ذي ذكرٍ ... لها محبَّان لوطيٌّ وزنَّاءُ

قامت بإبريقها والليل معتكر ... فلاح من وجهها في البيت لألاءُ

فأفرغت من فم الإبريق صافيةً ... كأنما أخذها بالعقل إغفاءُ

رقّت عن الماء حتى يمازجها ... لطافةً، وجفا عن شكلها الماءُ

وقال ابن المعتز:

لا شرب إلا بكفِّ ساقيةٍ ... ذات دلالٍ في طرفها مَرَض

كأن في الكأسِ حين تمزجها ... نجوم درٍّ، تعلو وتنخفض

وقال الصنوبري:

عاتِقٌ في الدِنان بكرٌ أدارتها علينا عواتِقٌ أبكارُ

كل مجدولةٍ يجول الوشاحان على خصرها ويشجى السِوار

يُقطف الياسمينُ من جسمها الرَّطب ويُجنى من خدِّها الجُلنارُ

وقال ابن المعتز:

قد سقتني خمراً وريقاً كخمرٍ ... بنت عشرٍ في كفّها بنت عشر

ذرَّ في وجهها الملاحة ذَرًّا ... خالقٌ هزَّ غصنها تحت بدرِ

وقال آخر:

وساقٍ صبيحٍ دعوته ... فقام وفي أجفانه سنة الغمضِ

يطوف بكاساتٍ علينا كأنجمٍ ... فمِن بين منقضٍّ وغير منقضِّ

وقد نشرت أيدي الجنوب مطارفاً ... على الجواد دُكنا وهي خضرٌ على الأرض

يطرِّزها قوسُ السماءِ بحمرةٍ ... على أخضرِ في أصفرٍ وسط مبيضِّ

كأذيال خوْدٍ أقبلتفي لائلٍ ... مصبَّغةٍ والبعضُ أقصَرُ من بعضِ

وقال ابن المعتز:

لبسنا إلى الخمار والنجم غائرٌ ... غلالة ليلٍ طُرِّزت بصباح

فظلت تدير الكأس أيدي جآذرٍ ... عتاق دنانير الوجوه ملاح

وقال:

درى كيف يطرد أوجاله ... فروى من الخمر أوصاله

وبادرها قهوةً مُرَّةتُقرب للمرءِ آمالهُ

بكفٍّ هضيم الحشا كالهلال ... أوفى به السعدُ إكمالهُ

ولولا مخافة ربِّي لقلتُ لم يخلق الله أمثالهُ وقال:

تدور علينا الكأ من كفٍّ شادِنٍ ... له لحظ عين يشتكي السُّقم مُدنفُ

كأن سُلاف الخمر من ماء خدِّه ... زعنقودها من شعرها الجعد يُقطف

وقال البحتري:

ألا ربَّ كأسٍ قد سقاني سلافها ... رهيفُ التثنِّ، واضح الثغر أشنبُ

إذا اختضبت أطرافه من شعاعها ... رأيت لجيناً بالمدامة يُذهب

وقال أبو نواس:

ومهفهف يجري الوِشاح بخصرِهِ ... ويضيق عنه دملُجٌ وسِوارُ

نازعته صهباء تحسب أَنَّها ... برقٌ تأَلَق ضَوءُه أو نار

وقال الصنوبري:

وهضيم الحشى يجول وشاحاه ويشجى الردفين منه الإزار

ثغره لُؤلُؤٌ، وريقته خمر شمولٌ وخدُّه جُلنار

هو كالبدر بل إن نورَ البدر من نور وجهه يستعارُ

صَرَعتني عُقار عينيه سُكراً ... قبل تسطو براحتيه العُقار

وقال ابن المعتز:

وندامايَ في شبابٍ وعيشٍ ... أتلفت ما لهم نفوسٌ كِرامُ

بين أقداحِهِم حديثٌ قصيرٌ ... وهو سحرٌ وما عداه كلام

وكأن السُّقاة بين الندامى ... ألفاتٌ على السُّطور قيام

باب ما جاء في السكر

<<  <   >  >>