للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لمصْلحَة الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وَكَانَ لَا ينَام على فرَاش وَإِذا غلب عَلَيْهِ النّوم يسْتَند عل الْجِدَار والكتب بَين يَدَيْهِ فَإِذا اسْتَيْقَظَ ينظر الْكتب كَانَ مَعَ هَذَا الِاشْتِغَال وَمَعَ مَا لَهُ من التحقيقات والتدقيقات لم يصنف شَيْئا الا شرح الكافية فِي النَّحْو وَشرح قسم التَّجْنِيس من علم الْحساب وَكَانَ ماهرا فِي أَقسَام الْعُلُوم الرياضية كلهَا وَفِي علم الْكَلَام وَعلم الاصول وَعلم الْفِقْه وَعلم البلاغة وَكَانَ رجلا عَاقِلا صَاحب ادب ووقار ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة بعض الْمَشَايِخ وَدخل الْخلْوَة عِنْده وَحصل من علم الصُّوفِيَّة ذوقا عَظِيما وَكَانَ ذَلِك الشَّيْخ هُوَ الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه المجذوب السالك الى الله صَاحب كرائم الاخلاق المشتهر اسْمه فِي الافاق الشَّيْخ حاجي خَليفَة قدس سره وَمن انصاف الْمولى الْمَذْكُور مَا حكى الْمولى الْوَالِد عَنهُ انه بعدعزله ذكر يَوْمًا قلَّة مَاله فَقيل لَهُ قد توليتم هَذِه المناصب الجليلة فَأَيْنَ مَا حصل لكم من المَال قَالَ كنت رجلا سَكرَان يُرِيد بِهِ غرور الجاه وَلم يُوجد عِنْدِي من يحفظه قَالَ قَالَ بعض الْحَاضِرين اذا عَاد اليكم المنصب مرّة اخرى عَلَيْكُم بِحِفْظ المَال قَالَ لَا يُفِيد اذا عَاد المنصب يعود مَعَه السكر قَالَ خَالِي رَحمَه الله تَعَالَى لازمت قِرَاءَة الدَّرْس عِنْده عشر سِنِين وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ الصمت الا اذا ذكر صحبته مَعَ السلاطين فَعِنْدَ ذَلِك يُورد الحكايات العحيبة واللطائف الغريبة فَسَأَلته يَوْمًا مَا كَانَ اعظم لذائذكم عِنْد السلاطين قَالَ مَا سالني عَن ذَلِك اُحْدُ الى الان وَإنَّهُ أَمر غَرِيب قَالَ سَافر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فِي أَيَّام الشتَاء وَكَانَ ينزل ويبسط لَهُ بِسَاط صَغِير وَيجْلس عَلَيْهِ الى ان تضرب لَهُ الْخَيْمَة واذا أَرَادَ الْجُلُوس عَلَيْهِ يخرج وَاحِد من غلمانه الْخُف عَن رجلَيْهِ وَعند ذَلِك يسْتَند الى شخص معِين وَكَانَت عَادَته ذَلِك وَفِي يَوْم من الايام لم يحضر ذَلِك الشَّخْص فاستند الي وَهَذَا أعظم لذائذي فِي صُحْبَة السلاطين وَقَالَ خَالِي رَحمَه الله تَعَالَى شرعت عِنْده فِي قِرَاءَة الشَّرْح المطول وَكُنَّا نَقْرَأ عَلَيْهِ فِي يَوْم وَاحِد سطرا اَوْ سطرين وَمَعَ ذَلِك يَمْتَد الدَّرْس من الضحوة الى الْعَصْر وَلما مَضَت على ذَلِك سِتَّة اشهر قَالَ ان الَّذِي قرأتموه عَليّ الى الان يُقَال لَهُ قِرَاءَة الْكتاب وَبعد ذَلِك اقرؤا الْفَنّ قَالُوا وَبعد ذَلِك أقرأنا كل يَوْم ورقتين وأتممنا بَقِيَّة الْكتاب فِي سِتَّة اشهر قَالَ وَلما بلغنَا الى فن البديع كَانَ يذكر لكل صَنْعَة عدَّة

<<  <   >  >>