للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كنت رجلا فَقِيرا غير قَادر على الْهَدِيَّة قَالَ فَفطن الشَّيْخ لذَلِك وَقَالَ اسألك عَن الْوَاقِعَات وَالْأَحْوَال فَقلت لَيْسَ لي شَيْء سوى سَواد الْقلب وَالْوَجْه فَأمرنِي بالخلوة واحياء تِلْكَ اللَّيْلَة وَرَأَيْت تِلْكَ اللَّيْلَة اربعمائة وَاقعَة فملا اصبحت اخذت قَلما وأشرت الى أَوَائِل الْوَاقِعَات فَوجدت تفاصيلها فِي خاطري مَعَ اني كنت رجلا كثير النسْيَان رُبمَا انسى مَا نَوَيْت قِرَاءَته فِي الصَّلَاة فَعلمت ان هَذَا الْحِفْظ من بَرَكَات الشَّيْخ فداومت على الْخلْوَة والاحياء وَكَانَ اصحاب الشَّيْخ فِي الْخلْوَة مأمورين بالرياضة وَالشَّيْخ يُرْسل لي قَصْعَة من الطَّعَام وخبزة وجرة من المَاء فمضت على ذَلِك مُدَّة وخطر ببالي فِي بعض اللَّيَالِي اني مَا تخلصت من الحيوانية فَرددت الطَّعَام تِلْكَ اللَّيْلَة فَمَا قدرت على تِلْكَ الْوَاقِعَة فَعرف مني الشَّيْخ ذَلِك فعتب على الْخَادِم فَقَالَ لأي شَيْء تتعدى طورك وطبيبك اعرف بحالك مِنْك وَلما كَانَ لَيْلَة السَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من ليَالِي الْخلْوَة وَكَانَت لَيْلَة الْبَرَاءَة اشتاقت نَفسِي الى قَصْعَة من طَعَام الارز المفلفل مَعَ السّمن الْكثير فَدَعَا لي الشَّيْخ وَقت الْعشَاء وأحضر الطَّعَام الْمَذْكُور واعطاني وَقَالَ كل من هَذَا قدر مَا اشْتهيت وَلَيْسَ شمس الدّين عنْدك فَأكلت مَا فِي الْقَصعَة بِتَمَامِهِ وَبعد ذَلِك أَمرنِي بِالْخرُوجِ عَن الْخلْوَة ثمَّ انه كَانَ من عَادَة الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الْمَزْبُور ان يَأْمر لمريديه بِالْخدمَةِ نَهَارا وبالاحياء لَيْلًا الى ان ينفتح لَهُ شَيْء من الطَّرِيقَة ثمَّ يَأْمر بالخلوة يرْوى انه حصل للشَّيْخ إِبْرَاهِيم الْمَزْبُور قبض عَظِيم عِنْد اشْتِغَاله بالارشاد بقيصرية فِي حَيَاة شَيْخه وَلم يقدر على دَفعه فَتوجه الى شَيْخه فَرَأى فِي الطَّرِيق فِي الْوَاقِعَة ان الشَّيْخ أَمر لَهُ بالقعود على التَّنور للتعرق فَفعل كَمَا أَمر وسال مِنْهُ عرق كثير فتبدل الْقَبْض بالبسط فَحكى مَا وَقع للشَّيْخ فَاسْتَحْسَنَهُ الشَّيْخ وَأمر لَهُ بِالْعَمَلِ بِهِ عِنْد حُصُول الْقَبْض وَكَانَ الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور يَأْمر مريديه عِنْد الْقَبْض بالقعود على التَّنور وسقيهم جرارا من المَاء فيسيل مِنْهُم عرق كثير ويتبدل قبضهم بالبسط يرْوى ان الشَّيْخ الْمَذْكُور كَانَ يغلب عَلَيْهِ الِاسْتِغْرَاق حَتَّى انه رُبمَا كَانَ لَا يعرف وَلَده وَيَقُول من هَذَا وصنف كتابا فِي اطوار السلوك وَسَماهُ بِكِتَاب كلزار وَكَانَت وَفَاته بقيصرية فِي فصل الخريف لَيْلَة الثُّلَاثَاء فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة

<<  <   >  >>