للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى يحيى جلبي ابْن امين نور الدّين طيب الله تَعَالَى ثراه وَجعل الْجنَّة مثواه الْمَشْهُور بَين النَّاس بامين زَاده

ولد رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة قسطنطينية وَكَانَ ابوه من امراء الدولة العثمانية وَنَشَأ هُوَ فِي صباه فِي نواحي بروسه ثمَّ غلب عَلَيْهِ حب الْكَمَال واشتغل بِالْعلمِ وَكَانَ صَاحب كَمَال وجمال قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى ابْن الْمُؤَيد وَالْمولى كَمَال باشا زَاده حَتَّى وصل الى خدمَة من تفوق علمه على عُلَمَاء أقرانه وزهده على زهداء زَمَانه وَهُوَ الْمولى الْفَاضِل مَوْلَانَا عَليّ جلبي ابْن احْمَد بن مُحَمَّد الجمالي والمفتي مَدِينَة قسطنطينية فاشتغل هُنَاكَ غَايَة الِاشْتِغَال ثمَّ صَار معيدا لدرسه فِي مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قَاسم باشا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير إِبْرَاهِيم باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جورلي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة دَار الحَدِيث بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمرادية بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ايا صوفية ثمَّ صَار مدرسا ثَانِيًا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بَغْدَاد ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ أعطَاهُ سلطاننا الاعظم والخاقان الْمُعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان مدرسة دَار الحَدِيث الَّتِي بناها بِمَدِينَة قسطنطينية المحمية عافاها الله تَعَالَى من البلية وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم مَاتَ فِي سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَلَيْهِ زاهدا عَالما صَاحب أدب ووقار وَمَا رَأَيْت مِنْهُ شيا بِخِلَاف الادب وَكَانَ أبعد النَّاس من ذكر مساوئ النَّاس وَكَانَ لَا يذكر اُحْدُ بِسوء فِي مَجْلِسه وَكَانَ يُرَاعِي آدَاب الشَّرَائِع فِي جَمِيع أَحْوَاله وَمَا رَأَيْت احدا يُرَاعِي ادبا مثله وَكَانَ صارفا أوقاته فِيمَا يهمه ويعنيه ومتجنبا عَن اللَّغْو وَاللَّهْو وَلم يسمع مِنْهُ مَعَ طول صحبته اخواننا كلمة فِيهَا رَائِحَة الْكَذِب أصلا وَلَا كلمة فحش وَكَانَ طَاهِرا ظَاهرا وَبَاطنا خاضعا خَاشِعًا محبا للْعُلَمَاء والصلحاء والفقراء والغرباء وَكَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بالتفسير وأصول الْفِقْه والعلوم الادبية بأنواعها قَلما يَقع التفاته الى الْعَقْلِيَّة مَعَ مشاركته النَّاس فِيهَا لَا سِيمَا

<<  <   >  >>