للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله وَهُوَ مدرس بهَا فِي شهر جُمَادَى الاولى من سنة سبعين وَتِسْعمِائَة وَمَا بلغ عمره ثَلَاثِينَ سنة وَكَانَ سَبَب مَوته انه خالط بعض الاراذل ورغبه فِي اكل بعض المعاجين فاليه وَمَا اصدق قَول من قَالَ ... لعمرك مَا الايام الا معارة ... فَمَا اسطعت من معروفها فتزود

عَن الْمَرْء لَا تسْأَل وَأبْصر قرينه ... فَكل قرين بالمقارن يَقْتَدِي ...

فَلَمَّا ادام اكله تغير مزاجه فركدت انهاره الْجَارِيَة واصبحت حدائقه من النضارة عَارِية ومالت ازهاره الى الذبول وطوالعه الى الْغُرُوب والافول وباخرة طارت عنادله وانطفت قنادله وَقَامَت قافلته الى السَّبِيل ونادى مُنَادِي الْحَيّ الرحيل ولاحظه الزَّمَان بِعَين القهرفاي نعيم لَا يكدره الدَّهْر واي نَهَار لم يعقب بِاللَّيْلِ واي سرُور لم يثن بِالْوَيْلِ فانك لَو ملكت ملك شَدَّاد وَعَاد اليك قدرَة العمالقة وَعَاد ونصرت فصرت فِي تخريب الْبِلَاد وايذاء الْعباد كتيمور وَبُخْتنَصَّرَ وَكسرت كسْرَى وهدمت قصر قَيْصر وتبعك تبع الْيَمَان وَاجْتمعَ على خوانك الخان والخاقان الْيَسْ غَايَة قواك الفتور وَآخر سكناك الْقُبُور ... هَب ان مقاليد الامور ملكتها ... ودانت لَك الدُّنْيَا وَأَنت همام

جبيت خراج الْخَافِقين بسطوة ... وفزت بِمَا لم تستطعه انام

ومتعت باللذات دهرا بغبطة ... الْيَسْ بحتم بعد ذَاك حمام

فَبين البرايا وَالْخُلُود تبَاين ... وَبَين المنايا والنفوس لزام ...

وَكَانَ رَحمَه الله اعجوبة الزَّمَان ونادرة الاوان فِي الْخط والفراسية والشمول والاحاطة صَاحب اذعان صَحِيح ولسان طلق فصيح وَكَانَ رَحمَه الله غَايَة فِي جَرَاءَة الْجنان وسعة التَّقْرِير وَالْبَيَان وَاتفقَ انه سَافر متنزها وَهُوَ مدرس بمدرسة ابْن السُّلْطَان الى بروسه فَجمع من كَانَ فِيهَا من المدرسين والاعيان وَعقد مَجْلِسا فِي الْجَامِع الْكَبِير فَنقل من كتاب البُخَارِيّ واظهر الْيَد الْبَيْضَاء فِي اتقان وتحرير وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله بِحَيْثُ لَو عَاشَ وامتد لَهُ مُدَّة الانتعاش لبلغ مبلغ الكمل من الرِّجَال ويشد اليه من الاقطار الرّحال وَمَا ظَفرت على شَيْء من نتائج طبعه الْكَرِيم سوى مَا كتبه

<<  <   >  >>