للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

رأى المرحوم ناداه بِأَن هَات درهما وَاحِدًا حَتَّى ابيع لَك هَذِه الديار واشار الى تِلْكَ الخوالي والرياض فَلَمَّا سَمعه دفع اليه مَا طلبه فَقَالَ المجذوب خُذ مبيعك واشار ثَانِيًا الى تِلْكَ الاطراف فتتبع المرحوم اصحاب تِلْكَ الْبِقَاع حَتَّى اشرف على تِلْكَ الْبقْعَة فاشتراها فِي يَوْمه ذَلِك وَبَات بهَا لَيْلَة ثمَّ استوطنها وَعمر اطرافها وَبنى فِيهَا عدَّة مدارس ومسجدا وخانقاه وحماما ومقاما سَمَّاهُ بخضراق بِنَاء على انه يعْتَقد ان ذَلِك هُوَ مجمع الْبَحْرين الَّذِي اجْتمع فِيهِ الْخضر بمُوسَى على نَبينَا وَعَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام وَكَانَ سَببا لاحياء تِلْكَ النَّاحِيَة وَاعْتَزل عَن النَّاس واشتغل بِنَفسِهِ فَحصل للنَّاس فِيهِ اعْتِقَاد عَظِيم وَقبُول تَامّ وقصدوه بِالنذرِ والقرابين وَاجْتمعَ فِيهِ من الْفُقَرَاء والمسافرين جمع كثير وجم غفير حَتَّى وصل الى انه انفق عَلَيْهِم كل يَوْم من الْخبز مَا قِيمَته تنيف على مائَة دِرْهَم سوى مَا يصرفهُ فِي سَائِر الْحَوَائِج والاطعمة وَكَانَ يَقع مِنْهُ ذَلِك ووظيفته كل يَوْم سِتُّونَ درهما فَلذَلِك نسبه بَعضهم الى معرفَة علم الْكَاف وَبَعْضهمْ الى علم الدفائن وَكَانَ يتَرَدَّد اليه ارباب الْحَاجَات من كل حدب يطْلبُونَ مِنْهُ الشَّفَاعَة الى الوزراء وَسَائِر الْحُكَّام وَهُوَ لَا يضن بِشَيْء ويبذل مقدوره فِي حوائجهم وَقد استخف بعض الرؤساء بمكتوبه فاعقبه نكبة من الْعَزْل اَوْ الْمَوْت وَذَلِكَ انه ارسل فِي بعض شَأْنه مَكْتُوبًا الى الْوَزير عَليّ باشا من وزارء السُّلْطَان سُلَيْمَان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والرضوان فَلم يعبأ بِهِ وَكتب فِي ورقة ترى الْعجب ترى الْعجب بَين جُمَادَى وَرَجَب وأرسلها اليه فَلَمَّا اطلع عَلَيْهَا ازْدَادَ انكارا واستخفافا بشانه مُعْتَمدًا على قُوَّة سُلْطَانه فَلم يذهب هَذَانِ الشهران الا وَقد نزل بِهِ الْخطب الْكَبِير الَّذِي يَسْتَوِي بَين الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَالسُّلْطَان والوزير بِأَمْر الله الْعَزِيز الْقَدِير وَلما صَارَت السلطنة الى سلطاننا السُّلْطَان سليم خَان طلبه فِي بعض الايام واستنصح مِنْهُ وارسل اليه من المَال جملَة وَقضى حَوَائِجه كَانَ ذَلِك فِي اواخر عمره وقدتوفي رَحمَه الله فِي الْيَوْم التَّاسِع من ذِي الْحجَّة بعدالعصر وَصلى عَلَيْهِ الْمُفْتِي ابو السُّعُود بعد صَلَاة غير محددة فِي الاصل وَدفن بِقرب من حديقته فِي مَوضِع عينه قبل مَوته وَقد اجْتمع فِي جنَازَته خلق عَظِيم مَعَ بعده عَن الْبَلَد وَذَلِكَ سنة ثَمَان وَسبعين وَتِسْعمِائَة

<<  <   >  >>