للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْهُمَا يسْتَحق بِهِ النَّفَقَة ثمَّ يَخْتَلِفَانِ فِي الْإِزَالَة أَلا ترى أَن البيع وَالنِّكَاح يستويان فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يسْتَحق بِهِ الْملك ثمَّ فَوَات التَّسْلِيم بِالْهَلَاكِ فِي أَحدهمَا يُوجب بطلَان العقد وَهُوَ البيع لِأَنَّهُ إِذا هلك الْمَبِيع قبل التَّسْلِيم بَطل البيع وَفِي النِّكَاح لَا يبطل العقد وتنفذ أَحْكَام الزَّوْجِيَّة بعد الْمَوْت فَكَذَلِك فِي الْفَرْع يجب أَن يتساويا فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يسْتَحق بِهِ النَّفَقَة ثمَّ الْعَجز عَن الْإِنْفَاق فِي أحد الْمَوْضِعَيْنِ يُوجب الْإِزَالَة وَفِي الْفَرْع لَا يُمكن نقل الْملك عَنهُ إِلَى الْغَيْر فَوَجَبَ أَلا تجب الْإِزَالَة بالإعسار كَمَا يُقَال فِي أم الْوَلَد

فَأجَاب الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق عَن الْفَصْل الأول بفصلين

أَحدهمَا أَنه قَالَ إِن هَذَا الْمَعْنى لَيْسَ بإلزام صَحِيح لِأَنِّي لم أقل إِنَّه إِذا تساوى الْملكَانِ فِي معنى وَجب أَن يتساويا فِي جَمِيع الْأَحْكَام لِأَن الإملاك والعقود تخْتَلف أَحْكَامهَا وموجباتها وَإِنَّمَا جمعت بَينهمَا بِهَذَا الْمَعْنى الَّذِي هُوَ اسْتِحْقَاق النَّفَقَة ثمَّ الْعَجز عَن هَذِه النَّفَقَة الَّتِي لملك الْيَمين يُوجب إِزَالَة الْملك فَوَجَبَ أَن يكون الآخر مثله

وَالثَّانِي أَن النِّكَاح إِنَّمَا خَالف البيع فِيمَا ذكره لِأَن الْمَقْصُود بِهِ الوصلة والمصاهرة إِلَى الْمَوْت فَإِذا مَاتَ أَحدهمَا فقد تمت الوصلة وانْتهى العقد إِلَى منتهاه فَمن الْمحَال أَن يكون مَعَ تَمام العقد نحكم بِإِبْطَال العقد كَمَا نقُول فِي الْإِجَارَة إِذا عقدت إِلَى أمد ثمَّ انْقَضتْ الْمدَّة لم يجز أَن يُقَال إِن الْأَحْكَام قد بطلت بِانْقِضَاء الْمدَّة وتمامها فَكَذَلِك النِّكَاح وَلَيْسَ كَذَلِك البيع فَإِن الْمَقْصُود بِهِ التَّصَرُّف فِي الْمعَانِي الَّتِي تثبت الْملك من الاقتناء وَالتَّصَرُّف والاستخدام فَإِذا هلك الْمَبِيع قبل التَّسْلِيم فَإِن الْمَعْنى الْمَقْصُود قد فَاتَ فَلهَذَا تبطل وَأما فِي مَسْأَلَتنَا فالملكان على هَذَا وَاحِد فِي الِاسْتِحْقَاق للنَّفَقَة فَإِذا وَجَبت الْإِزَالَة فِي أحد الْمَوْضِعَيْنِ بِالْعَجزِ عَن الْإِنْفَاق وَجب أَن يكون فِي الْموضع الآخر مثله

<<  <  ج: ص:  >  >>