للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ عبد الغافر الْفَارِسِي وَقد سمعته يَقُول فِي أثْنَاء كَلَامه كنت علقت عَلَيْهِ فِي الْأُصُول أَجزَاء مَعْدُودَة وطالعت فِي نَفسِي مائَة مجلدة

وَكَانَ يصل اللَّيْل بِالنَّهَارِ فِي التَّحْصِيل ويبكر كل يَوْم قبل الِاشْتِغَال بدرس نَفسه إِلَى مَسْجِد أبي عبد الله الْخَبَّازِي يقْرَأ عَلَيْهِ الْقُرْآن ويقتبس من كل نوع من الْعُلُوم مَا يُمكنهُ مَعَ مواظبته على التدريس وَينْفق مَا وَرثهُ وَمَا كَانَ يدْخل لَهُ على المتفقهة ويجتهد فِي المناظرة ويواظب عَلَيْهَا إِلَى أَن ظهر التعصب بَين الْفَرِيقَيْنِ واضطربت الْأَحْوَال والأمور

قَالَ عبد الغافر فاضطر إِلَى السّفر وَالْخُرُوج عَن الْبَلَد فَخرج مَعَ الْمَشَايِخ إِلَى المعسكر وَخرج إِلَى بَغْدَاد يطوف مَعَ المعسكر ويلتقي بالأكابر من الْعلمَاء ويدارسهم ويناظرهم حَتَّى طَار ذكره فِي الأقطار وشاع ذكره واسْمه فَمَلَأ الديار ثمَّ زَمْزَم لَهُ الْحَادِي بِذكر زَمْزَم وناداه على بعد الديار الْبَيْت الْحَرَام فلبى وَأحرم وَتوجه حَاجا وجاور بِمَكَّة أَربع سِنِين يدرس ويفتي ويجتهد فِي الْعِبَادَة وَنشر الْعلم حَتَّى شرف بِهِ ذَلِك النادي وأشرقت تلاع ذَلِك الْوَادي وأسبلت عَلَيْهِ الْكَعْبَة ستورها وَأَقْبَلت عَلَيْهِ وَهُوَ يطوف بهَا كلما اسود جنح اللَّيَالِي بيض بِأَعْمَالِهِ الصَّالِحَة ديجورها وصفت نِيَّته مَعَ الله فَلَو كَانَت الصَّفَا ذَات لِسَان لشافهته جهارا وشكر لَهُ الْمَسْعَى بَين الصَّفَا والمروة إقبالا وإدبارا

ثمَّ عَاد إِلَى نيسابور بعد ولَايَة السُّلْطَان ألب أرسلان وتزين وَجه الْملك بِإِشَارَة نظام الْملك واستقرت أُمُور الْفَرِيقَيْنِ وَانْقطع التعصب

<<  <  ج: ص:  >  >>