للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخرناه وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح من قَرَأَ الْقُرْآن وأعربه كَانَ لَهُ بِكُل حرف عشر حَسَنَات وَمن قَرَأَهُ وَلم يعربه فَلهُ بِكُل حرف مِنْهُ حَسَنَة وَالْقَدِيم لَا يكون معيبا باللحن وكاملا بالإعراب وَقد قَالَ تَعَالَى {وَمَا تُجْزونَ إِلَّا مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} فَإِذا أخبر رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنا نجزى على قِرَاءَة الْقُرْآن دلّ على أَنه من أَعمالنَا وَلَيْسَت أَعمالنَا قديمَة وَإِنَّمَا أُتِي الْقَوْم من قبل جهلهم بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسخافة الْعقل وبلادة الذِّهْن فَإِن لفظ الْقُرْآن يُطلق فِي الشَّرْع وَاللِّسَان على الْوَصْف الْقَدِيم وَيُطلق على الْقِرَاءَة الْحَادِثَة قَالَ الله تَعَالَى {إِن علينا جمعه وقرآنه} أَرَادَ بقرآنه قِرَاءَته إِذْ لَيْسَ لِلْقُرْآنِ قُرْآن آخر {فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه} أَي قِرَاءَته فالقراءة غير المقروء وَالْقِرَاءَة حَادِثَة والمقروء قديم كَمَا أَنا إِذا ذكرنَا الله عز وَجل كَانَ الذّكر حَادِثا وَالْمَذْكُور قَدِيما فَهَذِهِ نبذة من مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ رَحمَه الله

(إِذا قَالَت حذام فصدقوها ... فَإِن القَوْل مَا قَالَت حذام)

وَالْكَلَام فِي مثل هَذَا يطول وَلَوْلَا مَا وَجب على الْعلمَاء من إعزاز الدّين وإخمال المبتدعين وَمَا طولت بِهِ الحشوية ألسنتهم فِي هَذَا الزَّمَان من الطعْن فِي أَعْرَاض الْمُوَحِّدين والإزراء على كَلَام المنزهين لما أطلت النَّفس فِي مثل هَذَا مَعَ إيضاحه وَلَكِن قد أمرنَا الله بِالْجِهَادِ فِي نصْرَة دينه إِلَّا أَن سلَاح الْعَالم علمه وَلسَانه كَمَا أَن سلَاح الْملك سَيْفه وسنانه فَكَمَا لَا يجوز للملوك إغماد أسلحتهم عَن الْمُلْحِدِينَ وَالْمُشْرِكين لَا يجوز للْعُلَمَاء إغماد ألسنتهم عَن الزائغين والمبتدعين فَمن ناضل عَن الله وَأظْهر دين الله كَانَ جَدِيرًا أَن يَحْرُسهُ الله بِعَيْنِه الَّتِي لَا تنام ويعزه بعزه الَّذِي لَا يضام ويحوطه بركنه الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>