للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا اجْتمع الرَّسُول بالشيخ شرع فِي مسايسته وملاينته ثمَّ قَالَ لَهُ بَيْنك وَبَين أَن تعود إِلَى مناصبك وَمَا كنت عَلَيْهِ وَزِيَادَة أَن تنكسر للسُّلْطَان وَتقبل يَده لَا غير فَقَالَ لَهُ وَالله يَا مِسْكين مَا أرضاه أَن يقبل يَدي فضلا أَن أقبل يَده يَا قوم أَنْتُم فِي وَاد وَأَنا فِي وَاد وَالْحَمْد لله الَّذِي عافاني مِمَّا ابتلاكم بِهِ

فَقَالَ لَهُ قد رسم لي إِن لم توَافق على مَا يطْلب مِنْك وَإِلَّا اعتقلتك

فَقَالَ افعلوا مَا بدالكم

فَأَخذه واعتقله فِي خيمة إِلَى جَانب خيمة السُّلْطَان

وَكَانَ الشَّيْخ يقْرَأ الْقُرْآن وَالسُّلْطَان يسمعهُ فَقَالَ يَوْمًا لملوك الفرنج تَسْمَعُونَ هَذَا الشَّيْخ الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن قَالُوا نعم قَالَ هَذَا أكبر قسوس الْمُسلمين وَقد حَبسته لإنكاره عَليّ تسليمي لكم حصون الْمُسلمين وعزلته عَن الخطابة بِدِمَشْق وَعَن مناصبه ثمَّ أخرجته فجَاء إِلَى الْقُدس وَقد جددت حَبسه واعتقاله لأجلكم فَقَالَت لَهُ مُلُوك الفرنج لَو كَانَ هَذَا قسيسنا لغسلنا رجلَيْهِ وشربنا مرقتها

ثمَّ جَاءَت العساكر المصرية وَنصر الله تَعَالَى الْأمة المحمدية وَقتلُوا عَسَاكِر الفرنج ونجى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الشَّيْخ فجَاء إِلَى الديار المصرية فَأقبل عَلَيْهِ السُّلْطَان الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب رَحمَه الله وولاه خطابة مصر وقضاءها وفوض إِلَيْهِ عمَارَة الْمَسَاجِد المهجورة بِمصْر والقاهرة وَاتفقَ لَهُ فِي تِلْكَ الولايات عجائب وغرائب ثمَّ عزل نَفسه عَن الحكم فتلطف السُّلْطَان رَحمَه الله فِي رده إِلَيْهِ فباشره مُدَّة ثمَّ عزل نَفسه مِنْهُ مرّة ثَانِيَة وتلطف مَعَ السُّلْطَان فِي إِمْضَاء عَزله لنَفسِهِ فأمضاه وَأبقى جَمِيع نوابه من الْحُكَّام وَكتب لكل حَاكم مِنْهُ تقليدا ثمَّ ولاه تدريس الْمدرسَة الصالحية بِالْقَاهِرَةِ المعزية

<<  <  ج: ص:  >  >>