للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت وَكَلَام ابْن الْمُنِير هَذَا فى تَفْسِير التجلى يقرب من قَول شيخ الْإِسْلَام وسلطان الْعلمَاء أَبى مُحَمَّد بن عبد السَّلَام رَحمَه الله فى كتاب الْقَوَاعِد إِن التجلى والمشاهدة عبارَة عَن الْعلم والعرفان

وَاعْلَم أَن الْقَوْم لَا يقتصرون فى تَفْسِير التجلى على الْعلم وَلَا يعنون بِهِ إِيَّاه ثمَّ لَا يفصحون بِمَا يعنون إفصاحا وَإِنَّمَا يلوحون تَلْوِيحًا ثمَّ يصرحون بِالْبَرَاءَةِ مِمَّا يُوجب سوء الظَّن تَصْرِيحًا وَقد ذكر سيد الطَّائِفَة أَبُو الْقَاسِم القشيرى رَحمَه الله فى الرسَالَة بَاب السّتْر والتجلى ثمَّ بَاب الْمُشَاهدَة وَلم يفصح بتفسير التجلى كَأَنَّهُ خشى على فهم من لَيْسَ من أهل الطَّرِيق وَعرف أَن السالك يفهمهُ فَلم يحْتَج إِلَى كشفه لَهُ

وَحَاصِل مَا يَقُوله متأخرو الْقَوْم أَن التجلى ضَرْبَان

ضرب للعوام وَهُوَ أَن يكْشف صُورَة كَمَا جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فى صُورَة دحْيَة وكما فى الحَدِيث (رَأَيْت ربى فى صُورَة شَاب) قَالُوا وَهَذَا تجلى الصّفة ويضربون لذَلِك الْمرْآة مثلا فَيَقُولُونَ أَنْت تنظر وَجهك فى الْمرْآة وَلَيْسَت الْمرْآة محلا لوجهك وَلَا وَجهك حَالا فِيهَا وَإِنَّمَا هُنَاكَ مثالها تَعَالَى الله عَن أَن يكون لَهُ مِثَال وَإِنَّمَا يذكرُونَ هَذَا تَقْرِيبًا للأفهام

وَحَدِيث فى صُورَة شَاب أَمْرَد مَوْضُوع مَكْذُوب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَضرب للخواص وَهُوَ تجلى الذَّات نَفسهَا ويذكرون هُنَا لتقريب الْفَهم الشَّمْس قَالُوا فَإنَّك ترى ضوء النَّهَار فتحكم بِوُجُود الشَّمْس وحضورها برؤيتك الضَّوْء

قَالُوا وَهَذَا تقريب أَيْضا وَإِلَّا فنور البارى لَو سَطَعَ لأحرق الْوُجُود بأسره إِلَّا من ثبته الله

وَقد يعتضدون بِحَدِيث أَبى ذَر رضى الله عَنهُ سَأَلت النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل رَأَيْت رَبك قَالَ نور أَنى أرَاهُ وفى لفظ قَالَ رَأَيْت نورا

<<  <  ج: ص:  >  >>