للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمِنْهَا أَنه عرض جَيْشًا يَبْعَثهُ إِلَى الشَّام فعرضت لَهُ طَائِفَة فَأَعْرض عَنْهُم ثمَّ عرضت عَلَيْهِ ثَانِيًا فَأَعْرض عَنْهُم ثمَّ عرضت ثَالِثا فَأَعْرض فَتبين بِالآخِرَة أَنه كَانَ فيهم قَاتل عُثْمَان وَقَاتل على

وَمِنْهَا على يَد عُثْمَان ذى النورين رضى الله عَنهُ

دخل إِلَيْهِ رجل كَانَ قد لقى امْرَأَة فى الطَّرِيق فتأملها فَقَالَ لَهُ عُثْمَان رضى الله عَنهُ يدْخل أحدكُم وفى عَيْنَيْهِ أثر الزِّنَا فَقَالَ الرجل أوحى بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا وَلكنهَا فراسة

قلت إِنَّمَا أظهر عُثْمَان هَذَا تأديبا لهَذَا الرجل وزجرا لَهُ عَن سوء صَنِيعه

وَاعْلَم أَن الْمَرْء إِذا صفا قلبه صَار ينظر بِنور الله فَلَا يَقع بَصَره على كدر أَوْصَاف إِلَّا عرفه ثمَّ تخْتَلف المقامات فَمنهمْ من يعرف أَن هُنَاكَ كدرا وَلَا يدرى مَا أَصله وَمِنْهُم من يكون أعلا من هَذَا الْمقَام فيدرى أَصله كَمَا اتّفق لعُثْمَان رضى الله عَنهُ فَإِن تَأمل الرجل للْمَرْأَة أورثه كدرا فَأَبْصَرَهُ عُثْمَان وَفهم سَببه

وَهنا دقيقة وَهُوَ أَن كل مَعْصِيّة لَهَا كدر وتورث نُكْتَة سَوْدَاء فى الْقلب بِقَدرِهَا فَتكون رينا على مَا قَالَ تَعَالَى {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} إِلَى أَن يستحكم وَالْعِيَاذ بِاللَّه فيظلم الْقلب وتغلق أَبْوَاب النُّور فيطبع عَلَيْهِ فَلَا يبْقى سَبِيل إِلَى تَوْبَته على مَا قَالَ تَعَالَى {وطبع على قُلُوبهم فهم لَا يفقهُونَ} وَقد أوضحنا هَذَا فى كتاب رفع الحوبة بِوَضْع التَّوْبَة فى بَاب أَن المطبوع لَا تَوْبَة لَهُ

إِذا عرفت هَذَا فالصغيرة من المعاصى تورث كدرا صَغِيرا بِقَدرِهَا قريب المحو بالاستغفار وَغَيره من المكفرات وَلَا يُدْرِكهُ إِلَّا ذُو بصر حاد كعثمان رضى الله عَنهُ حَيْثُ أدْرك هَذَا الكدر الْيَسِير فَإِن تَأمل الْمَرْأَة من أيسر الذُّنُوب وأدركه عُثْمَان وَعرف أَصله وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>