للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا إلا تكن إبلٌ فمعزى ... كأنَّ قرون جلتها عيُّ

فتملأُ بيتنا أقطاً وسمنا ... وحسبُك من غنىً شبعٌ وريُّ

" ١٣١ " فهذا في باب القناعة، وقول الحطيئة:

دَعِ المكارمَ لا ترحل لبُغيتها ... واقعد فإنك انتَ الطاعمُ الكاسي

يجري في باب صغر الهمة وليس من قول امرئ القيس لأن ذلك لم تقعد به همته عن الطلب.

٩١ - قال صاحب الكتاب: ويقال لو ان رجلاً وهبت له الدنيا وما فيها لم ينتفع إلا بالذي يدفع الحاجة عن نفسه. فأما ما سوى ذلك ففي مواضع لا ينالها.

" ١٣٢ " قال خشرم العاملي:

وهَبكَ ملكتَ الشرقَ والغربَ قادراً ... ألم يكُ ما يُجدي عليك قليلُ

فهذاك ما تُحيِي به المُهجة التي ... بأيسره تغنى وذاك يزولُ

مضى قدرٌ بالرزقِ قبلكَ سالفٌ ... فليس مع الأقدار فيه حويلُ

٩٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال الرجل ذو المروءة قد يكرم على غيرغنى كالأسد الذي يُهاب وإن كان رابضاً. والغني الذي لا مروءة لهُ يُهان وإن كثر ماله كالكلب الذي يهون على الناس وإن طُوق وخُلخل.

" ١٣٣ " قال مطيع بن اياس:؟ ان المروءة لبسٌ لا يُشانُ به في غابر لابسٌ أو سالفٍ خالي

وذو المروءة أبهى حين تلحظهُ ... وإن تراءى على عُسرٍ وإقلالِ

من تائهٍ عطلٍ منها وإن ملكت ... كفاه ملكاً وإن أمسى أخا مالٍ

كالقرد هان فأمسى وهو مهزأةٌ ... يختال في المشيِ في طوقٍ وخلخالِ

٩٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال المال زيادة في القوة والرأي وليس الإخوان والأهل والأعوان إلا مع المال. ولا تظهر المروءة إلا بالمال لأن من لا مال له إذا أراد ان يتناول أمراً قعد به العدم عما أراد، فيبقى مقصراً عنه كالماء الذي يبقى في بطون الأودية من المطر لا يكون له موادّ من نهر ولا بحر فتنشفه الأرض.

" ١٣٤ " قال أبو نُخَيلة السَّعديّ:

أرى المال عوناً مُبلغاً كُل غايةٍ ... وملبس عِز حيثُ خيمَ صاحبُهْ

يزيد القوي البطش في الناس قوة ... وذا البأس بأساً حين تُبلى ضرائبُه

وما الأهل والإخوان إلا مع الغني ... وما الرأي والتدبير إلا مذاهبُه

وبالمال ما تبدو المروءة للفتى ... وتظهر حتى تستبين مناقبُه

وإن أخا العُدم المُطالب حاجةً ... يزلُّ به الإقدار عما يُطالبه

٩٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال من لا مال له لا إخوان له ومن لا إخوان له لا أهل له ومن لا أهل له لا ولد ومن لا ولد له لا ذكر له ومن لا ذكر له لا عقل له ومن لا عقل له لا دنيا له ولا آخرة له، لأن الرجل إذا أصابه الضُرُّ قطعه إخوانه وشنأه أهله ورفضه ذوو رحمه وفقد عقله وخمل ذكره واضطرته المعيشة والتماس الرزق إلى التغرير بنفسه ودينه، فتهلك نفسه ويخسر آخرته ودنياه. فهل شيء أخس من الحاجة.

" ١٣٥ " قال عرام بن مُنقذ السكوني وكان أصيب بسبب ابن الأشعث:

مَنْ عَدِمَ الوفر في حياته ... عدم الأهل وإخوانه مع الولد

وافتقد العقلَ من تفكره ... ولم يكن في الأمور من أحد

يخسرُ داريه عند فاقته ... في حين يختلُّ خلة الأبد

فكل بلوى يُبلى بها أحدٌ ... من اغتراب في الضيق والنكدِ

والأسرِِ والقتلِ والجلاءِ وسوْ ... مِ الخسف في قُربه وفي البُعُدِ

أحسنُ بالمرءِ حين يُبلى من ال ... فاقةِ بعد الإثراء والعَدَدِ

٩٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال الشجرة النابتة في السباخ المأكولة الثمر والورق أحسن حالاً من الفقير المحتاج.

" ١٣٦ " قال العتابي:

لشجرٌ في سبخٍ نابتٌ ... يُجنى بأنياب وأضراسِ

أحسنُ حالاً من أخي فاقةٍ ... يُحاول النَّيل من الناس

[٩٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال الفقر داعية لصاحبه إلى مقت الناس وهو مسلبة للعقل والمروءة ومضلة للرأي ومذهبة للعلم والأدب ومجمعة للبلايا ومعدن للتهم.]

" ١٣٧ " قال عَرزمُ الغفاري:

الفُقرُ جُهدٌ ومشناةُ ومذهبةٌ ... للعقل والأدب المحمود والفهم

<<  <   >  >>