للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْأُصُول، فَبلغ مِنْهُمَا الْمبلغ الَّذِي يونق ويروق، وَكَانَ إِلَيْهِ استملاء الحَدِيث على وَالِده، وَقِرَاءَة الْكتب عَلَيْهِ، لتقدمه فِي فَضله، ورزق السرعة فِي الْكِتَابَة، حَتَّى كَانَ يكْتب الْكثير من غير أَن يلْحقهُ كَبِير مشقة، ثمَّ لما اسْتَأْثر الله الْكَرِيم بوالده بَادر بعد إِقَامَة رسم العزاء وتوابعه إِلَى مجْلِس إِمَام الْحَرَمَيْنِ، ولازم درسه، وَلَزِمَه لَيْلًا وَنَهَارًا، وعشيا وإبكارا، حَتَّى حصل طَرِيقه فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف، وعاود الْأُصُول فَأَعَادَهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ الإِمَام أَبُو الْمَعَالِي يعْتد بِهِ ويستفرغ مَعَه أَكثر أَيَّامه، مستفيدا مِنْهُ شَيْئا من حسابيات الْمسَائِل والوصايا والفرائض.

ثمَّ حِين فرغ من تَحْصِيل الْفِقْه تأهب لِلْحَجِّ، واستصحب جمَاعَة، وَلما دخل بَغْدَاد جلس للوعظ، فَبَدَا لَهُ من الْقبُول حِين رَأَوْا كَمَاله مَا لم يعْهَد لأحد فِي تِلْكَ الْأَزْمِنَة مثله، وَحَضَرت الْخَاصَّة مَجْلِسه، وَالْأَئِمَّة: الامام أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَغَيره.

وَحج وَعَاد، وَالْقَبُول مقبل غض، وشمر لتربيته الشَّيْخ أَبُو سعد الصُّوفِي دوست دادا شيخ الشُّيُوخ، الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ رِبَاط شيخ الشُّيُوخ بِبَغْدَاد، وَخرج الْأَمر إِلَى التعصب حَتَّى بَدَت مخايل الْفِتْنَة وأوائلها، وَكَانَ قَلما يَخْلُو مجْلِس من مجالسه عَن إِسْلَام ذمِّي

ثمَّ حج ثَانِيًا من قَابل فِي ترفه وأهبة لمراعاة أَمِير الْحَاج لَهُ، وَرجع إِلَى بَغْدَاد، وَالْقَبُول بِحَالهِ، ونار الْفِتْنَة تكَاد تضطرم، فأنهي ذَلِك إِلَى نظام الْملك وَهُوَ بأصبهان، وَسُئِلَ استحضاره إِيَّاه من بَغْدَاد تطفئة للنائرة، فَبعث إِلَيْهِ يستدعيه، فَتوجه إِلَى المعسكر، فَتَلقاهُ بأكيد الْإِكْرَام، وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالْعودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>