للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى شُهُودِ الزِّنَا؛ إذْ كَانُوا هُمْ الْمُوجِبِينَ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ شُهُودُ) الْإِحْصَانِ مُوجِبِينَ لَهُ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ اُحْتِيجَ فِي إثْبَات الزِّنَا أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ، وَالنَّفْيُ فِي إثْبَاتِ الْإِحْصَانِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ.

وَيَدُلُّ أَيْضًا مِنْ مَذْهَبِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَصْلِهِمْ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَعْنَى الَّذِي تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِوُجُودِهِ دُونَ وُجُودِ غَيْرِهِ فِي كَوْنِهِ مُوجِبًا لَهُ: قَوْلُهُمْ فِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَمْسِ، فَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ، ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَانِ آخَرَانِ: أَنَّ عَبْدَهُ كَانَ جَنَى أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ، وَأَنَّ الْمَوْلَى عَلِمَ بِالْجِنَايَةِ، فَأَلْزَمَهُ الْقَاضِي الدِّيَةَ وَجَعَلَهُ مُخْتَارًا، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ كُلُّهُمْ: أَنَّ ضَمَانَ الدِّيَةِ عَلَى شُهُودِ الْجِنَايَةِ، وَضَمَانَ الْقِيمَةِ عَلَى شُهُودِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَلْزَمَهُ الدِّيَةَ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ مِمَّا لَمْ يُلْزِمْ بِهِ الدِّيَةَ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ قَدْ كَانَ مَوْجُودًا بِشَهَادَةِ الْآخَرِينَ، غَيْرَ مُوجِبٍ لَهَا عَلَى الْمَوْلَى، فَلَمَّا وُجِدَتْ شَهَادَةُ شُهُودِ الْجِنَايَةِ، أَلْزَمَهُ الدِّيَةَ.

وَقَالُوا: لَوْ كَانَ شُهُودُ الْجِنَايَةِ شَهِدُوا أَوَّلًا بِالْجِنَايَةِ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا، ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَانِ: أَنَّهُ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، فَأَلْزَمَهُ الْقَاضِي الدِّيَةَ، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ كُلُّهُمْ، أَنَّ شُهُودَ الْعِتْقِ يَضْمَنُونَ فِي هَذِهِ الْحَالِ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّ لُزُومَهَا تَعَلَّقَ بِشَهَادَتِهِمْ.

أَلَا تَرَى أَنَّ شَهَادَةَ شُهُودِ الْجِنَايَةِ قَدْ كَانَتْ مَوْجُودَةً غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلدِّيَةِ، ثُمَّ لَمَّا وُجِدَتْ شَهَادَةُ شُهُودِ الْعِتْقِ أَلْزَمَهُ بِهَا الدِّيَةَ، فَعَلَّقُوا وُجُوبَ الْحُكْمِ بِالْمَعْنَى الَّذِي عِنْدَ وُجُودِهِ وَجَبَ دُونَ مَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ مِمَّا تَقَدَّمَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>