للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِطْلَاقِ) لَزِمَهُ إيجَابُ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ هَذَا الْمَعْنَى عِلَّةً لِإِيجَابِ الطَّهَارَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَالْغُسْلُ طَهَارَةٌ، وَيَلْزَمُهُ إيجَابُهُ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ. وَإِذَا كَانَتْ الْوَاحِدَةُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ مِنْ الْإِبِلِ عَفْوًا، وَجَعَلْنَا كَوْنَهَا عَفْوًا عِلَّةً لِامْتِنَاعِ تَغَيُّرِ الْفَرْضِ بِهَا، لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَلْزَمَ عَلَيْهَا أَنَّ الْإِخْوَةَ مِنْ الْأُمِّ، قَدْ يُحْجَبُونَ وَلَا يَرِثُونَ،؛ لِأَنَّا إنَّمَا جَعَلْنَا كَوْنَ الْوَاحِدَةِ عَفْوًا لَا شَيْءَ فِيهَا عِلَّةً لِتَغَيُّرِ فَرْضِ الزَّكَاةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِيمَا أُلْزِمَ، وَلَا حُكْمُهَا. فَهَذَا إلْزَامٌ سَاقِطٌ لَا يَلْجَأُ إلَيْهِ إلَّا جَاهِلٌ بِالنَّظَرِ. وَكَثِيرٌ مِنْ إلْزَامَاتِ الْمُخَالِفِينَ تَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى. وَإِنَّمَا الَّذِي نَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي إسْقَاطِهَا تَحْقِيقُ الْمَعْنَى، فَإِنَّهَا مَتَى حَقَّقَتْ الْمَعْنَى فِيهَا اضْمَحَلَّتْ، وَإِذَا اقْتَضَتْ عِلَّةً لِحُكْمٍ مُقَيَّدَةً بِوَصْفٍ، أَوْ شَرْطٍ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهَا إيجَابُ ذَلِكَ الْحُكْمِ مُطْلَقًا، غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِذَلِكَ الْوَصْفِ، أَوْ الشَّرْطِ. نَظِيرُ ذَلِكَ: أَنَّا إذَا جَعَلْنَا بَيْعَهُ لِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ عِلَّةً لِفَسَادِ بَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ حَالًا، لَمْ يَلْزَمْنَا عَلَيْهِ السَّلَمُ الْمُؤَجَّلُ؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ الْوَصْفُ الَّذِي جَعَلَ الْعِلَّةَ لَهُ، وَإِذَا جَعَلْنَا خُرُوجَ النَّجَاسَةِ عِلَّةً لِإِيجَابِ نَقْضِ الْوُضُوءِ، لَمْ يَلْزَمْنَا عَلَيْهَا إيجَابُ الْغُسْلِ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِيمَا أَشْبَهَهُ.

وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ يَقُولُ: إذَا جَعَلْنَا وُقُوعَ الْأَكْلِ عَلَى وَجْهِ النِّسْيَانِ عِلَّةً فِي سُقُوطِ الْقَضَاءِ عَنْ الصَّائِمِ لَمْ يَلْزَمْنَا عَلَيْهِ قِيَاسُ الْمُتَكَلِّمِ نَاسِيًا فِي الصَّلَاةِ، وَلَا الْأَكْلِ نَاسِيًا فِيهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هَهُنَا سُقُوطُ قَضَاءِ الصَّوْمِ، وَالْعِلَّةَ وُقُوعُ الْأَكْلِ عَلَى وَجْهِ النِّسْيَانِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ عِلَّةٍ نَصَبْنَاهَا لِحُكْمٍ، فَإِنَّهُ (لَا يَلْزَمُنَا عَلَيْهَا حُكْمٌ مِنْ أَصْلٍ آخَرَ مُخَالِفٍ لَهُ فِي مَوْضُوعِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>