للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلَغَ} [الأنعام: ١٩] وقَوْله تَعَالَى {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: ١٥٨] فَمِنْ حَيْثُ كَانَ رَسُولًا إلَى أَهْلِ سَائِرِ الْأَعْصَارِ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ آمِرًا لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ (جَمِيعَهُمْ) مَوْجُودِينَ (وَقْتَ) الْأَمْرِ، لِأَنَّ الْآمِرَ انْفَصَلَ مِنْ أَمْرِهِ لِلْمَأْمُورِينَ عَلَى شَرْطِ التَّمْكِينِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ أَوَامِرُ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرًا لَنَا لِأَنَّا لَمْ نَكُنْ مَوْجُودِينَ وَقْتَ (الْأَمْرِ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ الرَّسُولُ رَسُولًا إلَيْنَا لِأَنَّا لَمْ نَكُنْ مَوْجُودِينَ وَقْتَ) الرِّسَالَةِ، (وَلَمْ نَكُنْ مَأْمُورِينَ بِهَا الْآنَ) وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ، فَصَحَّ أَنَّ أَوَامِرَ اللَّهِ تَعَالَى لِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، مِمَّنْ كَانُوا مَوْجُودِينَ (فِي) وَقْتِ الْأَمْرِ وَمَنْ وَجَدَ بَعْدَهُ عَلَى شَرْطِ بُلُوغِ الْأَمْرِ وَالتَّمْكِينِ مِنْ الْفِعْلِ. وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَنْفَصِلَ الْآمِرُ مِنْ أَمْرِهِ مُتَوَجِّهًا إلَى الْمَأْمُورِ مَعْقُودًا بِشَرْطِ التَّمْكِينِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَكَّنًا مِنْهُ فِي حَالِ فُصُولِ الْأَمْرِ. أَلَا تَرَى: أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِلْمَرِيضِ: إذَا بَرَأْت فَصُمْ وَصَلِّ وَقَاتِلْ الْمُشْرِكِينَ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [النساء: ١٠٣] فَقَدْ صَحَّ خِطَابُ الْعَاجِزِ بِالْفِعْلِ عَلَى شَرِيطَةِ التَّمْكِينِ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِحُّ (أَمْرُ الْمَعْدُومِ) قِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا بِأَمْرٍ لِلْمَعْدُومِ بِأَنْ يَفْعَلَهُ وَهُوَ مَعْدُومٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْأَمْرَ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>