للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إخْرَاجٍ} [البقرة: ٢٤٠] فَكَانَ هَذَا حُكْمًا ثَابِتًا فِي عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، ثُمَّ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] فَكَانَ نَاسِخًا لِمَا عَدَا هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَوْلِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَقَدْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَهُمَا فِي خِطَابٍ وَاحِدٍ بِأَنْ نَتَعَبَّدَ بِهِمَا فِي حَالَيْنِ بِجَوَازِ أَنْ تَقُولَ: عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا حَوْلٌ إلَى أَنْ يَمْضِيَ خَمْسُ سِنِينَ فَإِذَا مَضَتْ السُّنُونَ الْخَمْسُ كَانَتْ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا (زَوْجُهَا) أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا ذَكَرْت مِنْ حُكْمِ الزِّيَادَةِ فِي النَّصِّ لَا يَقْتَضِي مَا ذَكَرْت مِنْ إيجَابِهَا النَّسْخَ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ: حَدُّ الزَّانِيَيْنِ الْجَلْدُ وَالنَّفْيُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ أَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا، وَأَنَّ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فَرْضٌ مَعَ إحْضَارِ النِّيَّةِ لَهُ وَلَا يَتَنَاقَضُ الْخِطَابُ بِهِ، فَلَيْسَ (فِي) وُرُودِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ مَا يُوجِبُ النَّسْخَ. قِيلَ لَهُ: هَذَا سُؤَالٌ سَاقِطٌ مُحَالٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّهُمَا إذَا وَرَدَا مَعًا لَا يَكُونَانِ زِيَادَةً فِي النَّصِّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَذْكُورُ جَمِيعَ النَّصِّ، لِأَنَّ مَا جَمَعَهُ أَمْرٌ وَاحِدٌ (وَخِطَابٌ وَاحِدٌ) لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّ بَعْضَهُ زِيَادَةٌ فِي بَعْضٍ وَإِنَّمَا الزِّيَادَةُ فِي النَّصِّ، (أَنْ يَرِدَ النَّصُّ مُفْرَدًا عَنْ ذِكْرِ الزِّيَادَةِ ثُمَّ تَرِدُ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً عَنْ خِطَابِ النَّصِّ) نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] فَتَكُونُ الْآيَةُ مُوجِبَةً لِكَوْنِ جَلْدِ الْمِائَةِ حَدًّا وَاقِعًا مَوْقِعَ الْجَوَازِ فِي عِقَابِ الزَّانِي، فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَاجْلِدُوهُمْ مِائَةَ (جَلْدَةٍ) وَانْفُوهُمْ فَقَدْ تَغَيَّرَ بِوُرُودِ الزِّيَادَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اعْتِقَادُ مُوجَبِ حُكْمِ الْآيَةِ فَكُلُّ مَا وَرَدَ بَعْدَهُ مِمَّا يُوجِبُ زِيَادَةً فِيهِ أَوْ نُقْصَانًا مِنْهُ فَهُوَ لَا مَحَالَةَ نَسْخٌ لِاسْتِحَالَةِ وُرُودِ الْخِطَابِ (بِهِ) فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ، بَلْ يَقُولُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>