للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَثْرَةِ رِوَايَتِهَا مُتَوَافِقَةٌ عَلَى لُزُومِ اتِّبَاعِ الْجَمَاعَةِ، فَهُوَ نَظِيرُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَقْسَامِ التَّوَاتُرِ إذَا أَخْبَرَتْ جَمَاعَةٌ كَبِيرَةٌ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ أَمْرٍ شَاهَدُوهُ، فَيُعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ خَبَرَهُمْ قَدْ اشْتَمَلَ عَلَى صِدْقِ نَحْوِ قَافِلَةِ الْحَجِّ إذَا انْصَرَفَتْ فَأَخْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ قَدْ حَجَّ، أَنَّ خَبَرَهُمْ قَدْ اشْتَمَلَ عَلَى صِدْقٍ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ عَلَى خَبَرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيمَا (ذَكَرَهُ) وَأَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ.

وَالْآخَرُ: أَنَّهُمْ قَدْ رَوَوْهُ بِحَضْرَةِ جَمَاعَاتٍ وَذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ بِحَضْرَتِهِمْ تَوْقِيفٌ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إيَّاهُمْ عَلَى لُزُومِ الْجَمَاعَةِ، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ. فَدَلَّ (صِحَّتُهُ عَلَى صِحَّةِ) مَا بَيَّنَّا مِنْ وَجْهِهِ فِي الْكَلَامِ فِي الْأَخْبَارِ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَمَّا جَازَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُمَّةِ الْخَطَأُ فِي اعْتِقَادِهِ وَمَذْهَبِهِ لَمْ يَكُنْ اجْتِمَاعُهُمْ مَانِعًا مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، كَمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إذَا كَانَ أَسْوَدَ فَجَمِيعُهُمْ سُودٌ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إنْسَانًا فَجَمِيعُهُمْ نَاسٌ، فَكَذَلِكَ إذَا جَازَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ الضَّلَالُ، فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى جَمِيعِهِمْ. وَلَوْ جَازَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ وَبَيْنَ مَنْ (لَا) يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ فَنَجَا مِنْهُمْ مَنْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ - لَجَازَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْن قَادِرٍ وَقَادِرٍ (فَيَصِيرَانِ) عَاجِزَيْنِ، وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ بَصِيرٍ وَبَصِيرٍ (فَيَصِيرَانِ) أَعْمَيَيْنِ.

قِيلَ لَهُ: هَذِهِ الْقَاعِدَةُ خَطَأٌ لَا يُوَافِقُك عَلَيْهَا الْخَصْمُ (لِأَنَّهُ يَقُولُ لَك: إنِّي) إنَّمَا أُجَوِّزُ الْخَطَأَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فِي حَالٍ لَا يُطَابِقُهُ الْبَاقُونَ عَلَى الْخَطَأِ.

فَأَمَّا مَعَ مُطَابَقَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>