للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثْلُ أَنْ يَقُولَ اُقْتُلُوا الْمُنَافِقِينَ إذَا عَرَّفْتُكُمْ إيَّاهُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ إذَا بَيَّنْتهَا لَكُمْ ثُمَّ لَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَبَدًا فَلَا يَكُونُ مُوجِبُ هَذَا الْأَمْرِ اعْتِقَادَ صِحَّةِ تَنْزِيلِهِ وَكَوْنِهِ حِكْمَةً وَصَوَابًا كَمَا يُخْبِرُنَا بِخَبَرٍ لَا نَتَبَيَّنُ حَالَ مُخْبِرِهِ وَكَيْفِيَّاتِهِ وَأَوْصَافَهُ فَلَا يَلْزَمُنَا فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ اعْتِقَادِ صِحَّتِهِ وَكَوْنِهِ حَقًّا عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالْخَبَرِ أَنَّ الْأَمْرَ يَجُوزُ فِيهِ النَّسْخُ وَلَا يَجُوزُ فِي الْخَبَرِ. قِيلَ لَهُ: جَوَازُ النَّسْخِ فِي أَحَدِهِمَا وَامْتِنَاعُهُ فِي الْآخَرِ لَا يُوجِبُ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ مَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ اللَّفْظِ فِيهِمَا. وَلَوْ جُعِلَ هَذَا الْمَعْنَى فَاصِلًا بَيْنَهُمَا فِي إيجَابِ عُمُومِ الْخَبَرِ (دُونَ الْأَمْرِ كَانَ أَقْرَبَ لِأَنَّ لِخَصْمِك أَنْ يَقُولَ لَمَّا لَمْ يَجُزْ النَّسْخُ فِي الْخَبَرِ) وَلَمْ يَجُزْ فِي مُخْبِرِهِ التَّبْدِيلُ (وَالتَّغْيِيرُ) وَجَبَ اعْتِبَارُ عُمُومِهِ، وَلَمَّا جَازَ نَسْخُ الْأَوَامِرِ لَمْ يَجِبْ اعْتِبَارُ عُمُومِهِ إذْ جَازَ وُقُوعُهُ تَارَةً مَحْظُورًا وَتَارَةً مُبَاحًا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ هَذَا السُّؤَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>