للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِجْمَاعِ الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ وَوُجُوبُ مُسَاوَاتِهِ لَهُ بَنَيْنَاهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا اعْتَبَرْنَاهُ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأُصُولِ، فَحَكَمْنَا بِمَا يُوجِبُهُ كَسَائِرِ الْحَوَادِثِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، وَأَمَّا الشَّاكُّ فِي الصَّلَاةِ وَالْحَدَثِ، وَالشَّاكُّ فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ، فَلَيْسَ عَلَى مَا شَكَكْنَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ مِنْ أَصْلٍ يُرْجَعُ إلَيْهِ، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ، فَحُكْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِيهِ) مِنْ ذَلِكَ بِإِلْغَاءِ الشَّكِّ وَالْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ، وَاتَّبَعْنَاهُ، وَلَمْ يَجُزْ لَنَا رَدُّ مَا وَصَفْنَا مِنْ أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ إلَيْهِ.

وَنَظِيرُ هَذَا مِنْ الْأَحْكَامِ: مَا نَقُولُهُ فِي الْمَقَادِيرِ الَّتِي لَا سَبِيلَ إلَى إثْبَاتِهَا مِنْ طَرِيقِ الْمَقَايِيسِ، وَإِنَّمَا طَرِيقُهَا التَّوْقِيفُ وَالِاتِّفَاقُ، فَمَتَى عَدِمْنَا التَّوْقِيفَ وَقَفْنَا عِنْدَ الْإِجْمَاعِ، وَأَلْغَيْنَا الْمُخْتَلَفَ فِيهِ، إذْ لَا سَبِيلَ إلَى اعْتِبَارِ مِقْدَارِهِ بِمَقَادِيرَ غَيْرِهَا فِي الْأُصُولِ، مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ، وَذَلِكَ نَحْوُ مَا نَقُولُهُ فِي مُدَّةِ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ، وَفِي مِقْدَارِ السَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ: إنَّهُ يَجُوزُ الْوُقُوفُ عِنْدَ الِاتِّفَاقِ، وَإِلْغَاءُ الْخِلَافِ وَتَبْقِيَتُهُ عَلَى الْأَصْلِ، إذْ لَا سَبِيلَ إلَى إثْبَاتِهِ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَادِ، وَإِنَّمَا: طَرِيقُهُ التَّوْقِيفُ، أَوْ الْإِيقَافُ، وَقَدْ عَدِمْنَاهُمَا فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>