للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ. وَأَثْبَتَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ، مِنْ إيجَابِ الصَّدَقَةِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي السِّخَالِ وَالْمَسَانِّ إذَا اجْتَمَعَا، هَلْ يَكْمُلُ بِهِمَا نِصَابٌ؟ وَقَدْ أَثْبَتَ نِصَابًا مَعَ وُجُودِ الْخِلَافِ.

قِيلَ لَهُ: لَا نَأْبَى (إثْبَاتَهُ مَعَ وُجُودِ الْخِلَافِ إذَا كَانَ هُنَاكَ تَوْقِيفٌ يَقْتَضِي إثْبَاتَهُ، وَإِنَّمَا أَبَيْنَا) إثْبَاتَهُ مِنْ غَيْرِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ: تَوْقِيفٍ أَوْ اتِّفَاقٍ، وَمَنَعْنَا أَنْ يَكُونَ لِلْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَادِ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ.

وَالتَّوْقِيفُ الْمُوجِبُ لِمَا وَصَفْنَا: مَا رُوِيَ عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: فِي صَدَقَةِ الْمَوَاشِي وَيُعَدُّ صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا» وَلِأَنَّ أَسْمَاءَ الْمِقْدَارِ الَّذِي عَلَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوُجُوبَ يَتَنَاوَلُهُمَا جَمِيعًا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» وَأَمَّا إذَا انْفَرَدَتْ السِّخَالُ عَنْ الْمَسَانِّ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهَا هَذَا الِاسْمُ، فَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا تَوْقِيفٌ وَلَا اتِّفَاقٌ فَلَمْ يَثْبُتْ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: يَلْزَمُك عَلَى هَذَا الْأَصْلِ: أَنْ تَجْعَلَ الْجَمْعَ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ أَرْبَعِينَ، لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى صِحَّةِ انْعِقَادِهَا بِأَرْبَعِينَ، وَاخْتِلَافِهِمْ فِيمَا دُونَهَا، وَلَا تَوْقِيفَ فِيهِ.

وَهَذَا أَيْضًا مَا لَا سَبِيلَ إلَى إثْبَاتِهِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ الِاتِّفَاقِ أَوْ التَّوْقِيفِ.

قِيلَ لَهُ: قَدْ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ حُصُولَ الثَّلَاثَةِ مِنْ شَرَائِطِ صِحَّتِهَا. فَأَثْبَتْنَاهَا، وَمَا زَادَ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ تَوْقِيفٌ وَلَا اتِّفَاقٌ، فَلَمْ نُثْبِتْهُ.

وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا التَّوْقِيفُ فِي جَوَازِهَا بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>