للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مابال الشمس تجلد؟ قال: والذي نفسي بيده ما طلعت الشمسُ قطُّ حتى ينخسها سبعون ألف ملكٍ يقولون لها: اطلعي اطلعي! وتقول: لاأطلع على قوم يعبدونني من دون الله عز وجل! فيأتيها ملكٌ فيستفل لضياء بني آدم، فيأتيها شيطانٌ يريد أن يصَّدها عن الطلوع، فتطلع بين قرنيه، فيحرقه اللهُ تعالى تحتها. وما غربت قطُّ إلا خرت ساجدة لله عزّ وجل، فيأتيها شيطانٌ يريد أن يصدَّها عن السجود، فتغرب بين قرنيه، فيحرقه الله تعالى تحتها. وذلك قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ملطلعت الشمس إلا بين قرني شيطانٍ ولا غربت إلا بين قرني شيطان.

مات أبو عمرو الشيباني وأبو العتاهية الشاعر وإبراهيم الموصلي المغني والد إسحاق ببغداد في يوم واحد سنة ثلاث عشرة ومائتين رحمهم الله. قال ابن السكيت: مات أبو عمرو الشيباني وله مائةٌ وثماني عشرة سنة، وكان يكتب بيده إلى أن مات.

٧٧ - ومن أخبار بُزُرخ العَروُضيّ

هو أبو محمد بُزرخ بن محمد مولى بجيلة، وقيل: مولى كندة، كثير الحفظ وليس بصدوق.

٧٨ - ومن أخبار أبي جعفر الرؤاسيّ

هو أبو جعفر النيلي ابن أخي معاذ الهراء، وهم موالي محمد بن كعب القُرظي، وسُميّ الرؤاسي لكبر رأسه، وينزل النيل، فقيل: نيليٌّ، وكان أستاذ الكسائي والفراء، وكان رجلاً صالحاً.

قال: بعث إليَّ الخليل فطلب كتابي، فبعث به إليه، ووضع كتاب العين. وإذا قال سيبويه في كتابه: قال الكوفي كذا، فإنما يعني به الرؤاسي. وهو أولُ من وضع النحو من الكوفيين، وعُمر إلى زمن الرشيد. وسئل الكسائي وابن إدريس عن الصمد فقالا: الذي تصمد الأمور إليه. وأنشد الكسائي في ذلك " من الطويل ":

ألا بكَّرَ الناعي بخيري بني أسدْ ... بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد

وسئل الرؤاسي فقال مثل ذلك، فقيل له: كيف جمعه؟ قال: جلَّ من سألت عن اسمه، لايثنى ولا يجمع. فقيل: إذا سُميَّ به مخلوقٌ؟ فقال: أصمادٌ وصمدان. وسئل عن قوله تعالى (وأنَّهُ تعالى جَدُّ ربنا) ، فقال: حكاه الله عن قيل جهلة الجن.

٧٩ - ومن أخبار القاسم بن مَعْن

هو أبو عبد الله القاسم بن معن بن عبد الرحمان المسعودي الهّذليُّ من فقهاء الكوفة، ولي القضاء عالماً بالشعر والأخبار والفقه والأنساب؛ وجدُّه عبد الرحمان هو ابن عبد الله بن مسعود صاحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وله في اللغة " كتاب النوادر "، وأخذ عنه الليث بن المظفر صاحب الخليل النحو واللغة، وكان الفراء كثير الرواية عنه، وكان ثقة، وهو من أصحاب أبي حنيفة في الفقه، وكان عثمانياً. ومن شعره " من الكامل ":

الرفقُ يبلغُ بالرفيق ولا ... ينفكُّ يُتعبُ أهله الخُرُقُ

والكيس أبلغُ في الأمور ولا ... يبرأ لو داويته الحمق

ما صِحةٌ أبداً بنافعةٍ ... حتى يصحَّ اللين والخُلُقُ

قيل لعمر بن الخطاب: إن نساء بني مخزوم قد اجتمعن ونتخوَّف أن يؤذينك بأصواتهن. قال: لاعليهن أن يهرقن من دمعهن على أبي سليمان، ما لم يكن نقعٌ أو لقلقةٌ! قال القاسم: هو أبو سليمان خالد بن الوليد المخزومي والنقع الشق واللقلقة الصوت.

قال القاسم: كانت أم سعيد بنت سعيد بن عثمان بن عفان رضي الله عنه عند هشام بن عبد الملك وطلقها، فتزوجها العبَّاس بن الوليد بن عبد الملك ثمّ طلقها وندم، فتزوجها عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، فدسَّ العبَّاس إليها أشعب بأبيات قالها وجعل له ألف دينار إن أنشدها إياها، فأنشدها، فقالت، له: دسَّك العبَّاس وجعل لك ألف دينار، فلك مثلها على أن تخبره بما أقول! ثمّ استنشدته، فلَّما قال " من الوافر ":

أسعدهةُ هل إليكِ لنا سبيلٌ ... وهَلْ حتى القيامة من تلاق

قالت: لا، إن شاء الله! فلمَّا أنشدها " من الوافر ":

بلى ولعلَّ داركِ أن تؤاتي ... بموتٍ من حليلكِ أو فراقِ

قالت: بفيك الحجر! فلمَّا أنشدها " من الوافر ":

فأرجع شاكتاً وتقرَّ عيني ... ويشعبَ صدعنا بعد انشقاقِ

قالت: بل يشمتِ اللهُ بك ويجمع شملنا! وقال ابن حبيبات الكوفي للقاسم بن معن القاضي " من المنسرح ":

ياأيها العادلُ الموفَّقُ والقاسمُ بين ألراملِ الصدقةْ

ماذا ترى في عجائز رزحٍ ... أمسينَ يشكون قلَّة النفقة

<<  <   >  >>