للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا الصدْق معنى يلتئم من صحّة الْإِخْلَاص وَصدق التوكّل فَأَصدق النَّاس من صحّ إخلاصه وتوكّله

فَائِدَة جليلة فِي الْقدر

رب ذُو إِرَادَة أَمر عبدا ذَا إِرَادَة فان وفّقه وَأَرَادَ من نَفسه أَن يُعينهُ ويلهمه فعل مَا أَمر بِهِ وَإِن خذله وخلاّه وإرادته وَنَفسه وَهُوَ من هَذِه الحثيثة لَا يخْتَار إِلَّا مَا تهواه نَفسه وطبعه فَهُوَ من حَيْثُ هُوَ إِنْسَان لَا يُرِيد إِلَّا ذَلِك وَلذَلِك ذمّه الله فِي كِتَابه من هَذِه الحثيثة وَلم يمدحه إِلَّا بِأَمْر زَائِد على تِلْكَ الحثيثة وَهُوَ كَونه مُسلما ومؤمنا وصابرا ومحسنا وشكورا وتقيا وَبرا وَنَحْو ذَلِك وَهَذَا أَمر زَائِد على مجرّد كَونه إنْسَانا وإرادته صَالِحَة وَلَكِن لَا يَكْفِي مجرّد صلاحيتها إِن لم تؤيد بِقدر زَائِد على ذَلِك وَهُوَ التَّوْفِيق كَمَا أَنه لَا يَكْفِي فِي الرُّؤْيَة مجرّد صَلَاحِية الْعين للإدراك إِن لم يحصل سَبَب آخر من النُّور الْمُنْفَصِل عَنْهَا

فصل من أعظم الظُّلم وَالْجهل أَن تطلب التَّعْظِيم والتوقير من النَّاس وقلبك

خَال من تَعْظِيم الله وتوقيره فانك توقّر الْمَخْلُوق وتجلّه أَن يراك فِي حَال لَا توقّر الله أَن يراك عَلَيْهَا قَالَ تَعَالَى مَا لكم لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً أَي لَا تعاملونه مُعَاملَة من توقّرونه والتوقير وَالْعَظَمَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَتُوَقِّرُوه قَالَ الْحسن مَا لكم لَا تعرفُون لله حَقًا وَلَا تشكرونه وَقَالَ مُجَاهِد لَا تبالون عَظمَة ربكُم وَقَالَ ابْن زيد لَا ترَوْنَ لله طَاعَة وَقَالَ ابْن عَبَّاس لَا تعرفُون حق عَظمته وَهَذِه الْأَقْوَال ترجع إِلَى معنى وَاحِد وَهُوَ أَنهم لَو عظّموا الله وَعرفُوا حق عَظمته وحّدوه وأطاعوه وشكروه فطاعته سُبْحَانَهُ اجْتِنَاب مَعَاصيه وَالْحيَاء مِنْهُ بِحَسب وقاره

<<  <   >  >>