للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل الحذر من قصد النَّاس لَك وإقبالهم عَلَيْك وَأَن يعثروا على مَوضِع غرضك فَإِنَّهَا الآفة الْعُظْمَى

فَائِدَة كل ذِي لب يعلم أَنه لَا طَرِيق للشَّيْطَان عَلَيْهِ إِلَّا من ثَلَاث

جِهَات أَحدهَا التزيّد والإسراف فيزيد على قدر الْحَاجة فَتَصِير فضلَة وَهِي حَظّ الشَّيْطَان ومدخله إِلَى الْقلب وَطَرِيق الِاحْتِرَاز من إِعْطَاء النَّفس تَمام مطلوبها من غذَاء أَو نوم أَو لَذَّة أَو رَاحَة فَمَتَى أغلقت هَذَا الْبَاب حصل الْأمان من دُخُول الْعَدو مِنْهُ الثَّانِيَة الْغَفْلَة فَإِن الذاكر فِي حصن الذّكر فَمَتَى غفل فتح بَاب الْحصن فولجه الْعَدو فيعسر عَلَيْهِ أَو يصعب إِخْرَاجه الثَّالِثَة تكلّف مَالا يعنيه من جَمِيع الْأَشْيَاء

فَائِدَة طَالب النّفُوذ إِلَى الله وَالدَّار الْآخِرَة بل وَإِلَى كل علم وصناعة

ورئاسة بِحَيْثُ يكون رَأْسا فِي ذَلِك مقتدى بِهِ فِيهِ يحْتَاج أَن يكون شجاعا مقداما حَاكما على وهمه غير مقهور تَحت سُلْطَان تخيّله زاهدا فِي كل مَا سوى مَطْلُوبه عَاشِقًا لما توجه إِلَيْهِ عَارِفًا بطرِيق الْوُصُول إِلَيْهِ والطرق القواطع عَنهُ مِقْدَام الهمة ثَابت الجأش لَا يثنيه عَن مَطْلُوبه لوم لأثم وَلَا عذل عاذل كثير السّكُون دَائِم الْفِكر غير مائل مَعَ لَذَّة الْمَدْح وَلَا ألم الذَّم قَائِما بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من أَسبَاب معونته لَا تستفزه المعارضات شعاره الصَّبْر وراحته التَّعَب محبا لمكارم الْأَخْلَاق حَافِظًا لوقته لَا يخالط النَّاس إِلَّا على حذر كالطائر الَّذِي يلتقط الْحبّ بَينهم قَائِما على نَفسه بالرغبة والرهبة طامعا فِي نتائج الِاخْتِصَاص على بني جنسه غير مُرْسل شَيْئا من حواسه عَبَثا وَلَا مسرحا

<<  <   >  >>