للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنهُ وَعَن آيَاته وَقَالَ بَعضهم إِذا تلفظت بِقَوْلِك لَا نعم فَبين اللفظتين تكون الشَّمْس قد قطعت من الْفلك مسيرَة خَمْسمِائَة عَام ثمَّ انه سُبْحَانَهُ امسك السَّمَوَات مَعَ عظمها وَعظم مَا فِيهَا وثبتها من غير علاقَة من فَوْقهَا وَلَا عمد من تحتهَا الله الَّذِي خلق السَّمَوَات بِغَيْر عمد ترونها وَألقى فِي الارض رواسي ان تميد بكم وَبث فِيهَا من كل دَابَّة وأنزلنا من السَّمَاء مَاء فَأَنْبَتْنَا فِيهَا من كل زوج كريم هَذَا خلق الله فاروني مَاذَا خلق الَّذين من دونه بل الظَّالِمُونَ فِي ضلال مُبين

فصل وَالنَّظَر فِي هَذِه الايات وامثالها نَوْعَانِ نظر اليها بالبصر الظَّاهِر

فَيرى مثلا زرقة السَّمَاء ونجومها وعلوها وسعتها وَهَذَا نظر يُشَارك الانسان فِيهِ غَيره من الْحَيَوَانَات وَلَيْسَ هُوَ الْمَقْصُود بِالْأَمر الثَّانِي ان يتَجَاوَز هَذَا الى النّظر بالبصيرة الْبَاطِنَة فتفتح لَهُ ابواب السَّمَاء فيجول فِي اقطارها وملكوتها وَبَين ملائكتها ثمَّ يفتح لَهُ بَاب بعد بَاب حَتَّى يَنْتَهِي بِهِ سير الْقلب إِلَى عرش الرَّحْمَن فَينْظر سعته وعظمته وجلاله ومجده ورفعته وَيرى السَّمَوَات السَّبع والارضين السَّبع بِالنِّسْبَةِ اليه كحلقه ملقاة بِأَرْض فلاة وَيرى الْمَلَائِكَة حافين من حوله لَهُم زجل بالتسبيح والتحميد وَالتَّقْدِيس وَالتَّكْبِير والامر ينزل من فَوْقه بتدبير الممالك والجنود الَّتِي لَا يعلمهَا الا رَبهَا ومليكها فَينزل الامر باحياء قوم وإماتة آخَرين وإعزاز قوم وإذلال آخَرين واسعاد قوم وشقاوة آخَرين وإنشاء ملك وسلب ملك وتحويل نعْمَة من مَحل الى مَحل وَقَضَاء الْحَاجَات على اختلافها وتباينها وَكَثْرَتهَا من جبر كسر وإغناء فَقير وشفاء مَرِيض وتفريج كرب ومغفرة ذَنْب وكشف ضرّ وَنصر مظلوم وهداية حيران وَتَعْلِيم جَاهِل ورد آبق وأمان خَائِف وَإِجَارَة مستجير ومدد لضعيف وإغاثة الملهوف وإعانة لعاجز وانتقام من ظَالِم وكف الْعدوان فَهِيَ مراسيم دَائِرَة بَين الْعدْل وَالْفضل وَالْحكمَة وَالرَّحْمَة تنفذ فِي أقطار العوالم لَا يشْغلهُ سمع شَيْء مِنْهَا عَن سمع غَيره وَلَا تغلطه كَثْرَة الْمسَائِل والحوائج على اختلافها وتباينها واتحاد وَقتهَا وَلَا يتبرم بالحاح الملحين وَلَا تنقص ذرة من خزائنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم فَحِينَئِذٍ يقوم الْقلب بَين يَدي الرَّحْمَن مطرقا لهيبته خَاشِعًا لعظمته عان لعزته فَيسْجد بَين يَدي الْملك الْحق الْمُبين سَجْدَة لَا يرفع رَأسه مِنْهَا الى يَوْم الْمَزِيد فَهَذَا سفر الْقلب وَهُوَ فِي وَطنه وداره وَمحل ملكه وَهَذَا من اعظم آيَات الله وعجائب صنعه فياله من سفر مَا أبركه واروحه واعظم ثَمَرَته وَربحه واجل منفعَته واحسن عاقبته سفر هُوَ حَيَاة الارواح ومفتاح السَّعَادَة وغنيمته الْعُقُول والالباب لَا كالسفر الَّذِي هُوَ قِطْعَة من الْعَذَاب

فصل وَإِذا نظرت الى الارض وَكَيف خلقت رَأَيْتهَا من اعظم آيَات فاطرها

وبديعها خلقهَا سُبْحَانَهُ فراشا ومهادا وذللها لِعِبَادِهِ وَجعل فِيهِ ارزاقهم واقواتهم ومعايشهم وَجعل فِيهَا السبل لينتقلوا فِيهَا فِي حوائجهم وتصرفاتهم وارساها بالجبال فَجَعلهَا اوتادا تحفظها لِئَلَّا تميد

<<  <  ج: ص:  >  >>