للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكرنَاهَا وَلَو انه سَاقه من الْبَحْر الى الارض جَارِيا على ظهرهَا لم يحصل عُمُوم السَّقْي الا بتخريب كثير من الارض وَلم يحصل عُمُوم السَّقْي لأجزائها فصاعدة سُبْحَانَهُ الى الجو بِلُطْفِهِ وَقدرته ثمَّ انزله على الارض بغاية من اللطف وَالْحكمَة الَّتِي لَا اقتراح لجَمِيع عقول الْحُكَمَاء فَوْقهَا فأنزله وَمَعَهُ رَحمته على الارض

فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة البا لُغَة فِي إنزاله بِقدر الْحَاجة حَتَّى إِذا اخذت

الارض حَاجَتهَا مِنْهُ وَكَانَ تتابعه عَلَيْهَا بعد ذَلِك يَضرهَا اقلع عَنْهَا واعقبه بالصحو فهما اعني الصحو والغيم يعتقبان على الْعَالم لما فِيهِ صَلَاحه وَلَو دَامَ احدهما كَانَ فِيهِ فَسَاده فَلَو توالت الامطار لاهلكت مَا عَليّ الارض وَلَو زَادَت على الْحَاجة افسدت الْحُبُوب وَالثِّمَار وعفنت الزروع والخضروات وأرخت الابدان وحشرت الْهَوَاء فَحدثت ضروب من الامراض وَفَسَد اكثر المآكل وتقطعت المسالك والسبل وَلَو دَامَ الصحو لجفت الابدان وغيض المَاء وَانْقطع معِين الْعُيُون والابار والانهار والاودية وَعظم الضَّرَر واحتدم الْهَوَاء فيبس مَا على الارض وجفت الابدان وَغلب اليبس واحدث ذَلِك ضروبا من الامراض عسرة الزَّوَال فاقتضت حِكْمَة اللَّطِيف الْخَبِير ان عاقب بَين الصحو والمطر على هَذَا الْعَالم فاعتدل الامر وَصَحَّ الْهَوَاء وَدفع كل وَاحِد مِنْهُمَا عَادِية الاخر واستقام امْر الْعَالم وَصلح

فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الالهية فِي اخراج الاقوات وَالثِّمَار والحبوب

والفواكه متلاحقة شَيْئا بعد شَيْء متتابعة وَلم يخلقها كلهَا جملَة وَاحِدَة فانها لَو خلقت كَذَلِك على وَجه الارض وَلم تكن تنْبت على هَذِه السُّوق والاغصان لدخل الْخلَل وفاتت الْمصَالح الَّتِي رتبت على تلاحقها وتتابعها فَإِن كل فصل واوان يقتضى من الْفَوَاكِه والنبات غير مَا يتقضيه الْفَصْل الاخر فَهَذَا حَار وَهَذَا بَارِد وَهَذَا معتدل وكل فِي فَصله مُوَافق للْمصْلحَة لَا يَلِيق بِهِ غير مَا خلق فِيهِ ثمَّ انه سُبْحَانَهُ خلق تِلْكَ الاقوات مُقَارنَة لمنافع اخر من العصف والخشب وَالْوَرق والنور والعسف وَالْكرب وَغَيرهَا من مَنَافِع النَّبَات وَالشَّجر غير الاقوات كعلف الْبَهَائِم وأداة الابنية والسفن والرحال والاواني وَغَيرهَا وَمَنَافع النُّور من الادوية والمنظر البهيج الَّذِي يشوق الناظرين وَحسن مرائي الشّجر وخلقتها البديعة الْمُشَاهدَة لفاطرها ومبدعها بغاية الْحِكْمَة واللطف ثمَّ إِذا تَأَمَّلت إِخْرَاج ذَلِك النُّور الْبَهِي من نفس ذَلِك الْحَطب ثمَّ الْوَرق الاخضر ثمَّ اخراج تِلْكَ الثِّمَار على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا وأشكالها ومقاديرها وألوانها وطعومها وروائحها ومنافعها وَمَا يُرَاد مِنْهَا ثمَّ تَأمل ايْنَ كَانَت مستودعة فِي تِلْكَ الْخَشَبَة وهاتيك العيدان وَجعلت الشَّجَرَة لَهَا كالام

<<  <  ج: ص:  >  >>