للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقلها من بلد الى بلد من حَيْثُ لَو نقلت فِي الْبر لعظمت الْمُؤْنَة فِي نقلهَا وَتعذر على النَّاس كثير من مصالحهم

فصل ثمَّ تَأمل احوال هَذِه العقاقير والادوية الَّتِي يُخرجهَا الله من

الارض وَمَا خص بِهِ كل وَاحِد مِنْهَا وَجعل عَلَيْهِ من الْعَمَل والنفع فَهَذَا يغور فِي المفاصل فيستخرج الفضول الغليظة القاتلة لَو احتسبت وَهَذَا يسْتَخْرج الْمرة السَّوْدَاء وَهَذَا يسْتَخْرج الْمرة الصَّفْرَاء وَهَذَا يحلل الاورام وَهَذَا يسكن الهيجان والقلق وَهَذَا يجلب النّوم ويعيده إِذا اعوزه الانسان وَهَذَا يُخَفف الْبدن إِذا وجد الثّقل وَهَذَا يفرح الْقلب إِذا تراكمت عَلَيْهِ الغموم وَهَذَا يجلو البلغم ويكشطه وَهَذَا يحد الْبَصَر وَهَذَا يطيب النكهة وَهَذَا يسكن هيجان الْبَاءَة وَهَذَا يهيجها وَهَذَا يبرد الْحَرَارَة ويطفئها وَهَذَا يقتل الْبُرُودَة ويهيج الْحَرَارَة وَهَذَا يدْفع ضَرَر غَيره من الادوية والاغذية وَهَذَا يُقَاوم بكيفيته كَيْفيَّة غَيره فيعتدلان فيعتدل المزاج بتناولهما وَهَذَا يسكن الْعَطش وَهَذَا يصرف الرِّيَاح الغليظة ويطردها وَهَذَا يُعْطي اللَّوْن إشراقا ونضارة وَهَذَا يزِيد فِي أَجزَاء الْبدن بالسمن وَهَذَا ينقص مِنْهَا وَهَذَا يدبغ الْمعدة وَهَذَا يجلوها ويغسلها الى أَضْعَاف ذَلِك مِمَّا لَا يُحْصِيه الْعباد فسل الْمُعَطل من جعل هَذِه الْمَنَافِع والقوى فِي هَذِه النباتات والحشائش والحبوب وَالْعُرُوق وَمن اعطى كل مِنْهَا خاصيته وَمن هدى الْعباد بل الْحَيَوَان الى تنَاول مَا ينفع مِنْهُ ترك مَا يضر وَمن فطن لَهَا النَّاس وَالْحَيَوَان البهيم وَبِأَيِّ عقل وتجربة كَانَ يقف على ذَلِك وَيعرف مَا خلق لَهُ كَمَا زعم من قل نصِيبه من التَّوْفِيق لَوْلَا انعام الَّذِي اعطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى وهب ان الانسان فطن لهَذِهِ الاشياء بذهنه وتجاربه وفكره وَقِيَاسه فَمن الَّذِي فطن لَهَا الْبَهَائِم فِي اشياء كَثِيرَة مِنْهَا مَالا يَهْتَدِي اليها الانسان حَتَّى صَار بعض السبَاع يتداوى من جراحه بِبَعْض تِلْكَ العقاقير من النَّبَات فَيبرأ فَمن الَّذِي جعله يقْصد ذَلِك النَّبَات دون غَيره وَقد شوهد بعض الطير يحتقن عِنْد الْحصْر بِمَاء الْبَحْر فيسهل عَلَيْهِ الْخَارِج وَبَعض الطير يتَنَاوَل اذا اعتل شَيْئا من النَّبَات فتعود صِحَّته وَقد ذكر الاطباء فِي مبادئ الطِّبّ فِي كتبهمْ من هَذَا عجائب فسل الْمُعَطل من الهمها ذَلِك وَمن ارشدها اليه وَمن دلها عَلَيْهِ افيجوز ان يكون هَذَا من غير مُدبر عَزِيز حَكِيم وَتَقْدِير عَزِيز عليم وَتَقْدِير لطيف خَبِير بهرت حكمته الْعُقُول وَشهِدت لَهُ الْفطر بِمَا استودعها من تَعْرِيفه بِأَنَّهُ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْخَالِق البارئ المصور الَّذِي لَا تنبغي الْعِبَادَة الا لَهُ وَإنَّهُ لَو كَانَ مَعَه فِي سمواته وارضه اله سواهُ لفسدت السَّمَوَات والارض واختل نظام الْملك فسبحانه وَتَعَالَى عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ والجاحدون علوا كَبِيرا ولعلك ان تَقول مَا حِكْمَة هَذَا النَّبَات المبثوث فِي الصحارى

<<  <  ج: ص:  >  >>