للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ انه ابلغ من الشّبَه وَالله اعْلَم وان كَانَ رَسُول الله قد قَالَه فَهُوَ عين الْحق وعَلى كل تَقْدِير فَهُوَ يبطل مَا زَعمه بعض الطبائعيين من معرفَة اسباب الاذكار والايناث وَالله اعْلَم

فصل فَانْظُر كَيفَ جعلت آلَات الْجِمَاع فِي الذّكر والانثى جَمِيعًا على وفْق

الْحِكْمَة فَجعلت فِي حق الذّكر آلَة نَاشِزَة تمتد حَتَّى توصل المنى الى قَعْر الرَّحِم بِمَنْزِلَة من يناول غَيره شَيْئا فَهُوَ يمد يَده اليه حَتَّى يوصله إِيَّاه وَلِأَنَّهُ يحْتَاج الى ان يقذف مَاءَهُ فِي قَعْر الرَّحِم وَأما الانثى فَجعل لَهَا وعَاء مجوف لانها تحْتَاج الى ان تقبل مَاء الرجل وتمسكه وتشتمل عَلَيْهِ فَأعْطيت آلَة تلِيق بهَا ثمَّ لما كَانَ مَاء الرجل ينحدر من اجزاء الْجَسَد رَقِيقا ضَعِيفا لَا يخلق مِنْهُ الْوَلَد جعل لَهُ الانثيان وعَاء يطْبخ فيهمَا وَيحكم انضاجه ليشتد وَينْعَقد وَيصير قَابلا لَان يكون مبدأ للتخليق وَلم تحتج الْمَرْأَة الى ذَلِك لَان رقة مَائِهَا ولطفاته إِذا مازج غلظ مَاء الرجل وشدته قوى بِهِ واستحكم وَلَو كَانَ الماآن رقيقان ضعيفان لم يتكون الْوَلَد مِنْهُمَا وَخص الرجل بِآلَة النضج والطبخ لحكم مِنْهَا ان حرارته اقوى والانثى بَارِدَة فَلَو اعطيت تِلْكَ الالة لم يستحكم طبخ المَاء وانضاجه فِيهَا وَمِنْهَا ان ماءها لَا يخرج عَن مَحَله بل ينزل من بَين ترائبها الى مَحَله وَمِنْهَا انها لما كَانَت محلا للجماع اعطيت من الالة مَا يَلِيق بهَا فَلَو اعطيت آلَة الرجل لم تحصل لَهَا اللَّذَّة والاستمتاع ولكانت تِلْكَ الالة معطلة بِغَيْر مَنْفَعَة فالحكمة التَّامَّة فِيمَا وجدت خلقَة كل مِنْهُمَا عَلَيْهِ

فصل فَارْجِع الان الى نَفسك وَكرر النّظر فِيك فَهُوَ يَكْفِيك وَتَأمل اعضاءك

وَتَقْدِير كل عُضْو مِنْهَا للأرب وَالْمَنْفَعَة المهيأ لَهَا فاليدان للعلاج والبطش والاخذ والاعطاء والمحاربة وَالدَّفْع وَالرجلَانِ لحمل الْبدن وَالسَّعْي وَالرُّكُوب وانتصاف الْقَامَة والعينان للاهتداء وَالْجمال والزينة والملاحة ورؤية مَا فِي السَّمَوَات والارض وآياتهما وعجائبهما والفم للغذاء وَالْكَلَام وَالْجمال وَغير ذَلِك والانف للنَّفس وَإِخْرَاج فضلات الدِّمَاغ وزينة للْوَجْه وَاللِّسَان للْبَيَان والترجمة عَنْك والاذنان صاحبتا الاخبار تؤديانها اليك وَاللِّسَان يبلغ عَنْك والمعدة خزانَة يسْتَقرّ فِيهَا الْغذَاء فتنضجه وتطبخه وتصلحه اصلاحا آخر وطبخا آخر غير الاصلاح والطبخ الَّذِي تَوليته من خَارج فَأَنت تعاني إنضاجه وطبخه وإصلاحه حَتَّى تظن انه قد كمل وانه قد اسْتغنى عَن طبخ آخر وانضاج آخر وطباخه الدَّاخِل ومنضجه يعاني من نضجه وطبخه مَالا تهتدي اليه وَلَا تقدر عَلَيْهِ فَهُوَ يُوقد عَلَيْهِ نيرانا تذيب الْحَصَى وتذيب مَالا تذيبه النَّار وَهِي فِي الطف مَوضِع مِنْك لَا تحرقك وَلَا تلتهب وَهِي اشد حرارة من النَّار وَإِلَّا فَمَا يذيب هَذِه الاطعمة الغليظة الشَّدِيدَة جدا حَتَّى يَجْعَلهَا مَاء ذائبا وَجعل الكبد للتخليص واخذ صفو الْغذَاء والطفه ثمَّ رتب مِنْهَا مجاري

<<  <  ج: ص:  >  >>