للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَيْر وَالْبر والشجاعة والسماحة والبصيرة والثبات والعزيمة وَالْقُوَّة فِي الْحق واللين لاهله والشدة على اهل الْبَاطِل والغلظة عَلَيْهِم والاصلاح بَين النَّاس وَالسَّعْي فِي إصْلَاح ذَات الْبَين وتعظيم من يسْتَحق التَّعْظِيم وإهانة من يسْتَحق الاهانة وتنزيل النَّاس مَنَازِلهمْ وأعطاء كل ذِي حق حَقه وَأخذ مَا سهل عَلَيْهِم وطوعت بِهِ انفسهم من الاعمال والاموال والاخلاق ولارشاد ضالهم وَتَعْلِيم جاهلهم وَاحْتِمَال جفوتهم واستواء قريبهم وبعيدهم فِي الْحق فأقربهم اليه اولاهم بِالْحَقِّ وان كَانَ بَعيدا وابعدهم عَنهُ ابعدهم من الْحق وان كَانَ حبيبا قَرِيبا الى غير ذَلِك من معرفَة الْعقل الَّذِي وَضعه بَينهم فِي الْمُعَامَلَات والمناكحات والجنايات وَمَا اودع فِي فطرهم من حسن شكره وعبادته وَحده لَا شريك لَهُ وان نعمه عَلَيْهِم توجب بذل قدرتهم وطاقتهم فِي شكره والتقرب اليه وإيثاره على مَا سواهُ واثبت فِي الْفطر علمهَا بقبيح اضداد ذَلِك ثمَّ بعث رسله فِي الامر بِمَا اثْبتْ فِي الْفطر حسنه وكماله وَالنَّهْي عَمَّا اثْبتْ فِيهَا قبحه وعيبه وذمه فطابقت الشَّرِيعَة الْمنزلَة للفطرة المكلمة مُطَابقَة التَّفْصِيل بجملته وَقَامَت وشواهد دينه فِي الْفطْرَة تنادي للايمان حَيّ على الْفَلاح وصدعت تِلْكَ الشواهد والايات دياجي ظلم الاباء كَمَا صدع اللَّيْل ضوء الصَّباح وَقبل حَاكم الشَّرِيعَة شَهَادَة الْعقل والفطرة لما كَانَ الشَّاهِد غير مُتَّهم وَلَا معرض للجراح

فصل وَكَذَلِكَ اعطاهم من الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة بصلاح معاشهم ودنياهم بِقدر

حاجاتهم كعلم الطِّبّ والحساب وَعلم الزِّرَاعَة وَالْغِرَاس وضروب الصَّنَائِع واستنباط الْمِيَاه وَعقد الابنية وصنعة السفن واستخراج الْمَعَادِن وتهيئتها لما يُرَاد مِنْهَا وتركيب الادوية وصنعة الاطعمة وَمَعْرِفَة ضروب الْحِيَل فِي صيد الْوَحْش وَالطير ودواب المَاء وَالتَّصَرُّف فِي وُجُوه التِّجَارَات وَمَعْرِفَة وُجُوه المكاسب وَغير ذَلِك مِمَّا فِيهِ قيام مَعَايشهمْ ثمَّ مَنعهم سُبْحَانَهُ علم مَا سوى ذَلِك مِمَّا لَيْسَ فِي شَأْنهمْ وَلَا فِيهِ مصلحَة لَهُم وَلَا نشأتهم قَابِلَة لَهُ كعلم الْغَيْب وَعلم مَا كَانَ وكل مَا يكون وَالْعلم بِعَدَد الْقطر وامواج الْبَحْر وذرات الرمال ومساقط الاوراق وَعدد الْكَوَاكِب ومقاديرها وَعلم مَا فَوق السَّمَوَات وَمَا تَحت الثرى وَمَا فِي لجج الْبحار واقطار الْعَالم وَمَا يكنه النَّاس فِي صُدُورهمْ وَمَا تحمل كل انثى وَمَا تغيض الارحام وَمَا تزداد الى سَائِر مَا عزب عَنْهُم علمه فَمن تكلّف معرفَة ذَلِك فقد ظلم نَفسه وبخس من التَّوْفِيق حَظه وَلم يحصل الا على الْجَهْل الْمركب والخيال الْفَاسِد فِي أَكثر امْرَهْ وَجَرت سنة الله وحكمته ان هَذَا الضَّرْب من النَّاس اجهلهم بِالْعلمِ النافع وَأَقلهمْ صَوَابا فترى عِنْد من لَا يرفعون بِهِ رَأْسا من الحكم وَالْعلم الْحق النافع مَالا يخْطر ببالهم اصلا وَذَلِكَ من حِكْمَة الله فِي خلقه وهوالعزيز الْحَكِيم وَلَا يعرف هَذَا الا من اطلع على مَا عِنْد الْقَوْم من انواع الخيال

<<  <  ج: ص:  >  >>