للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذوات من حَيْثُ هِيَ ذَوَات أما أَن تكون وجودا اَوْ عدما فَإِن كَانَت وجودا فَهِيَ بِجعْل الْجَاعِل وَإِن كَانَت عدما فالعدم كاسمه لَا يتَعَلَّق بِجعْل الْجَاعِل ٠

فصل وَأما قَوْله إِن إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه كَانَ اعْتِمَاده فِي

إِثْبَات الصَّانِع على الدَّلَائِل الفلكية كَمَا قَرَّرَهُ فَيُقَال من الْعجب ذكركُمْ لخليل الرَّحْمَن فِي هَذَا الْمقَام وَهُوَ أعظم عَدو لعباد الْكَوَاكِب والأصنام الَّتِى اتَّخذت على صورها وهم أعداؤه الَّذين ألقوه فِي النَّار حَتَّى جعلهَا الله عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَام أعظم الْخلق بَرَاءَة مِنْهُم وَأما ذَلِك التَّقْرِير الَّذِي قَرَّرَهُ الرَّازِيّ فِي المناظرة بَينه وَبَين الْملك الْمُعَطل فمما لم يخْطر بقلب إِبْرَاهِيم وَلَا بقلب الْمُشرك وَلَا يدل اللَّفْظ عَلَيْهَا الْبَتَّةَ وَتلك المناظرة الَّتِى ذكرهَا الرَّازِيّ تشبه أَن تكون مناظرة بَين فيلسوف ومتكلم فَكيف يسوغ أَن يُقَال أَنَّهَا هِيَ المرادة من كَلَام الله تَعَالَى فيكذب على الله وعَلى خَلِيله وعَلى الْمُشرك الْمُعَطل وَإِبْرَاهِيم أعلم بِاللَّه ووحدانيته وَصِفَاته من أَن يوحي إِلَيْهِ بِهَذِهِ المناظرة وَنحن نذْكر كَلَام أَئِمَّة التَّفْسِير فِي ذَلِك ليفهم معنى المناظرة ومادل عَلَيْهِ الْقُرْآن من تقريرها قَالَ ابْن جرير معنى الْآيَة ألم تَرَ يَا مُحَمَّد إِلَى الَّذِي حَاج إِبْرَاهِيم فِي ربه حِين قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم رَبِّي الَّذِي يحي وَيُمِيت يعْنى بذلك رَبِّي الَّذِي بِيَدِهِ الحياه وَالْمَوْت يحي من يَشَاء وَيُمِيت من أَرَادَ بعد الْإِحْيَاء قَالَ أَنا أفعل ذَلِك فإحيي وأميت أستحي من أردْت قَتله فَلَا أَقتلهُ فَيكون ذَلِك منى إحْيَاء لَهُ وَذَلِكَ عِنْد الْعَرَب يُسمى إحْيَاء كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا} واقتل آخر فَيكون ذَلِك منى إماتة لَهُ قَالَ إِبْرَاهِيم لَهُ فَإِن الله هُوَ الَّذِي يَأْتِي بالشمس من مشرقها فَإِن كنت صَادِقا إِنَّك آله فأت بهَا من مغْرِبهَا قَالَ الله عز وَجل {فبهت الَّذِي كفر} يعْنى انْقَطع وَبَطلَت حجَّته ثمَّ ذكر من قَالَ ذَلِك من السّلف فروى عَن قَتَادَة ذكر لنا أَنه دَعَا برجلَيْن فَقتل أَحدهمَا واستحيا الآخر وَقَالَ أَنا أَحَي هَذَا وأميت هَذَا قَالَ إِبْرَاهِيم عِنْد ذَلِك فَإِن الله يَأْتِي بالشمس من الْمشرق فَاتَ بهَا من الْمغرب وَعَن مُجَاهِد أَنا أحيي وأميت أقتل من شِئْت وأستحيي من شِئْت أَدَعهُ حَيا فَلَا أَقتلهُ وَقَالَ ابْن وهب حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم أَن الْجَبَّار قَالَ لإِبْرَاهِيم أَنا أحيي وأميت إِن شِئْت قتلتك وَأَن استحييتك فَقَالَ إِبْرَاهِيم إِن الله يَأْتِي بالشمس من الْمشرق فَاتَ بهَا من الْمغرب فبهت الَّذِي كفر وَقَالَ الرّبيع لما قَالَ إِبْرَاهِيم رَبِّي الَّذِي يحيي وَيُمِيت قَالَ هُوَ يعْنى نمْرُود فَأَنا أحيي وأميت فَدَعَا برجلَيْن فاستحيا أَحدهمَا وَقتل الآخر وَقَالَ أَنا أحيي وأميت أى أستحي من شِئْت فَقَالَ إِبْرَاهِيم فَأن الله يَأْتِي بالشمس من الْمشرق قَالَ السدى لما خرج إِبْرَاهِيم من النَّار أدخلوه على الْملك وَلم يكن قبل ذَلِك دخل عَلَيْهِ فَكَلمهُ وَقَالَ لَهُ من رَبك قَالَ رَبِّي الَّذِي يحيي وَيُمِيت قَالَ نمْرُود أَنا احيي وأميت أَنا آخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>