للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِي التَّارِيخ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح وَأقرهُ الذَّهَبِيّ وَقَالَ ابْن حبَان حَدِيث صَحِيح وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَإِنَّمَا لم يُصَحِّحهُ لِأَن فِي إِسْنَاده عِنْده عمرَان الْقطَّان ضعفه النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَمَشاهُ أَحْمد وَقَالَ ابْن الْقطَّان رُوَاته كلهم ثِقَات إِلَّا عمرَان وَفِيه خلاف (قَوْله لَيْسَ شَيْء أكْرم على الله من الدُّعَاء) قيل وَجه ذَلِك أَنه يدل على قدرَة الله تَعَالَى وَعجز الدَّاعِي وَالْأولَى أَن يُقَال أَن الدُّعَاء لما كَانَ هُوَ الْعِبَادَة وَكَانَ مخ الْعِبَادَة كَمَا تقدم كَانَ أكْرم على الله من هَذِه الْحَيْثِيَّة لِأَن الْعِبَادَة هِيَ الَّتِي خلق الله سُبْحَانَهُ الْخلق لَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} قَالَ الطَّيِّبِيّ وَلَا مُنَافَاة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين قَوْله تَعَالَى {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} لِأَن كل شَيْء شرف فِي بَابه فَإِنَّهُ يُوصف بِالْكَرمِ قَالَ تَعَالَى {وأنبتنا فِيهَا من كل زوج بهيج} أَي كريم //

(من لم يسْأَل الله يغْضب عَلَيْهِ (ت) من لم يدع الله غضب عَلَيْهِ (مص)) // الحَدِيث أخرجه بِاللَّفْظِ الأول التِّرْمِذِيّ وَالثَّانِي ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله وَكِلَاهُمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرج اللَّفْظ الأول الْحَاكِم وَأخرج أَيْضا اللَّفْظ الثَّانِي الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَتَصْحِيح أحد اللَّفْظَيْنِ تَصْحِيح للْآخر لِأَنَّهُمَا بِمَعْنى وَاحِد وَمن حَدِيث صَحَابِيّ وَاحِد

وَفِيهِمَا دَلِيل على أَن الدُّعَاء من العَبْد لرَبه من أهم الْوَاجِبَات وَأعظم المفروضات لِأَن تجنب مَا يغْضب الله مِنْهُ لَا خلاف فِي وُجُوبه وَقد انْضَمَّ إِلَى هَذَا الْأَوَامِر القرآنية وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي سيدخلون جَهَنَّم داخرين} وَقَوله {واسألوا الله من فَضله} وَقد قدمنَا أَن قَوْله سُبْحَانَهُ {إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي سيدخلون جَهَنَّم داخرين} يدل على أَن ترك دُعَاء العَبْد لرَبه من الإستكبار وتجنب ذَلِك وَاجِب لَا شكّ فِيهِ وَمِمَّا يُؤَيّد ذَلِك قَوْله عز وَجل {أم من يُجيب الْمُضْطَر إِذا دَعَاهُ ويكشف السوء} فَإِن هَذَا الِاسْتِفْهَام هُوَ للتقريع والتوبيخ لمن ترك دُعَاء ربه وَمن هَذَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذا سَأَلَك عبَادي}

<<  <   >  >>