للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله وَلَدي خرج من صلبي وَقَالَت الْمَرْأَة يَا رَسُول الله حمله خفاً وَوَضعه شَهْوَة وَحَمَلته كرهاً وَوَضَعته كرهاً وأرضعته حَوْلَيْنِ كَامِلين فَقضى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمه

[موعظة]

أَيهَا المضيع لآكد الْحُقُوق المعتاض من بر الْوَالِدين العقوق النَّاسِي لما يجب عَلَيْهِ الغافل عَمَّا بَين يَدَيْهِ بر الْوَالِدين عَلَيْك دين وَأَنت تتعاطاه بِاتِّبَاع الشين تطلب الْجنَّة بزعمك وَهِي تَحت أَقْدَام أمك حَملتك فِي بَطنهَا تِسْعَة أشهر كَأَنَّهَا تسع حجج وكابدت عِنْد الْوَضع مَا يذيب المهج وأرضعتك من ثديها لَبَنًا وأطارت لِأَجلِك وسنا وغسلت بِيَمِينِهَا عَنْك الْأَذَى وآثرتك على نَفسهَا بالغذاء وصيرت حجرها لَك مهداً وأنالتك إحساناً ورفداً فَإِن أَصَابَك مرض أَو شكاية أظهرت من الأسف فَوق النِّهَايَة وأطالت الْحزن والنحيب وبذلت مَالهَا للطبيب وَلَو خيرت بَين حياتك وموتها لطلبت حياتك بِأَعْلَى صَوتهَا هذاوكم عاملتها بِسوء الْخلق مرَارًا فدعَتْ لَك بالتوفيق سراً وجهاراً فَلَمَّا احْتَاجَت عِنْد الْكبر إِلَيْك جَعلتهَا من أَهْون الْأَشْيَاء عَلَيْك فشبعت وَهِي جائعة وَرويت وَهِي قانعة وقدمت عَلَيْهَا أهلك وأولادك بِالْإِحْسَانِ وقابلت أياديها بِالنِّسْيَانِ وصعب لديك أمرهَا وَهُوَ يسير وَطَالَ عَلَيْك عمرها وَهُوَ قصير هجرتهَا وَمَالهَا سواك نصير هَذَا ومولاك قد نهاك عَن التأفف وعاتبك فِي حَقّهَا بعتاب لطيف ستعاقب فِي دنياك بعقوق الْبَنِينَ وَفِي أخراك بالبعد من رب الْعَالمين يناديك بِلِسَان التوبيخ والتهديد ذَلِك بِمَا قدمت يداك وَأَن الله لَيْسَ بظلام للعبيد

لأمك حق لَو علمت كثير

كثيرك يَا هَذَا لَدَيْهِ يسير ... فكم لَيْلَة باتت بثقلك تَشْتَكِي

لَهَا من جواها أنة وزفير ... وَفِي الْوَضع لَو تَدْرِي عَلَيْهَا مشقة

فَمن غصص مِنْهَا الْفُؤَاد يطير

<<  <   >  >>