للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَسُئِلَ بعض التائبين عَن سَبَب تَوْبَته فَقَالَ كنت أنبش الْقُبُور فَرَأَيْت فِيهَا أَمْوَاتًا مصروفين عَن الْقبْلَة فَسَأَلت أَهْليهمْ عَنْهُم فَقَالُوا كَانُوا يشربون الْخمر فِي الدُّنْيَا وماتوا من غير تَوْبَة وَقَالَ بعض الصَّالِحين مَاتَ لي ولد صَغِير فَلَمَّا دَفَنته رَأَيْته بعد مَوته فِي الْمَنَام وَقد شَاب رَأسه فَقلت يَا وَلَدي دفنتك وَأَنت صَغِير فَمَا الَّذِي شيبك فَقَالَ يَا أبتي دفن إِلَى جَانِبي رجل مِمَّن كَانَ يشرب الْخمر فِي الدُّنْيَا فزفرت جَهَنَّم لقدومه زفرَة لم يبْق مِنْهَا طِفْل إِلَّا شَاب رَأسه من شدَّة زفرتها نَعُوذ بِاللَّه مِنْهَا ونسأل الله الْعَفو والعافية مِمَّا يُوجب الْعَذَاب فِي الْآخِرَة فَالْوَاجِب على العَبْد أَن يَتُوب إِلَى الله تَعَالَى قبل أَن يُدْرِكهُ الْمَوْت وَهُوَ على أشر حَالَة فَيلقى فِي النَّار نَعُوذ بِاللَّه مِنْهَا

[فصل]

والحشيشة المصنوعة من ورق القنب حرَام كَالْخمرِ يحد شاربها كَمَا يحد شَارِب الْخمر وَهِي أَخبث من الْخمر من جِهَة أَنَّهَا تفْسد الْعقل والمزاج حَتَّى يصير فِي الرجل تخنث ودياثة وَغير ذَلِك من الْفساد وَالْخمر أَخبث من جِهَة أَنَّهَا تُفْضِي إِلَى الْمُخَاصمَة والمقاتلة وَكِلَاهُمَا يصد عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة وَقد توقف بعض الْعلمَاء الْمُتَأَخِّرين فِي حَدهَا وَرَأى أَن أكلتها تعزر بِمَا دون الْحَد حَيْثُ ظَنّهَا تغير الْعقل من غير طرب بِمَنْزِلَة البنج وَلم يجد للْعُلَمَاء الْمُتَقَدِّمين فِيهَا كلَاما وَلَيْسَ كَذَلِك بل أكلتها ينشون ويشتهونها كشراب الْخمر وَأكْثر حَتَّى لَا يصبروا عَنْهَا وتصدهم عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة إِذا أَكْثرُوا مِنْهَا مَعَ مَا فِيهَا من الدياثة والتخنث وَفَسَاد المزاج وَالْعقل وَغير ذَلِك لَكِن لما كَانَت جامدة مطعومة لَيست شراباً تنَازع الْعلمَاء فِي نجاستها على ثَلَاثَة أَقْوَال فِي مَذْهَب الإِمَام أَحْمد وَغَيره فَقيل هِيَ نَجِسَة كَالْخمرِ المشروبة وَهَذَا هُوَ الاعتبار الصَّحِيح وَقيل لَا لجمودها وَقيل يفرق بَين جامدها ومائعها وَبِكُل حَال فَهِيَ دَاخِلَة فِيمَا حرم الله وَرَسُوله من الْخمر الْمُسكر لفظاً وَمعنى قَالَ أَبُو مُوسَى يَا رَسُول الله أَفْتِنَا فِي شرابين كُنَّا نصنعهما بِالْيمن البتع وَهُوَ من الْعَسَل ينْبذ

<<  <   >  >>