للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ يقبل الْقَلِيل من العَبْد كَمَا يقبل الْكثير قبولا وَاحِدًا سَوَاء وَهَكَذَا فِي سَائِر الاعمال

وَكفى بِقبُول الله الصَّغِير من عَبده لعَبْدِهِ فوزا مَعَ ان أَعمال بني آدم كلهَا صغَارًا إِلَّا مَا قبل الله مِنْهَا فَإِذا قبل مِنْهَا شَيْئا صَار عَظِيما وَإِن كَانَ قبل ذَلِك صَغِيرا

وَاعْلَم ان صغارها أسلم من كِبَارهَا فِي الرِّيَاء والاعجاب والامتنان فانتبه لذَلِك وَلَا تغفل عَنهُ

وَاعْلَم ان لَك فِي عَمَلك إِرَادَة وأملا فَانْظُر إرادتك فِي أعمالك كلهَا كإرادة أهل الشُّكْر وَالرِّضَا وأملك فِيهِ كأول المسرفين على انفسهم فَلَيْسَ شَيْء احب الى أهل الرِّضَا من شَيْء يرضى الله بِهِ وَلَا شَيْء أحب الى أهل الشُّكْر من شَيْء يشكرون الله عَلَيْهِ وَلَا شَيْء اولى بِأَهْل الاسراف على انفسهم من شَيْء يرجون بِهِ عَفْو الله

وَأعلم أَنِّي لست من قلَّة الْعَمَل اخاف عَلَيْك وعَلى مثلك وَلَكِن أَخَاف عَلَيْك من قلَّة الْمعرفَة وَضعف الارادة

لَا أجدني اخاف عَلَيْك وعَلى مثلك من قلَّة التَّطَوُّع وَلست اخاف من الْوَرع أَلا تنظر فِيهِ كَمَا ينظر غَيْرك أَو لَا تتْرك شهوات أحلهَا الله لَك توثر بهَا عَلَيْك غَيْرك

إِلَّا أَنِّي أَخَاف عَلَيْك ان تنَازع فِي أَمر يكرههُ الله وَلَا ينفعك قد خَفِي عَن النَّاس وَهُوَ عِنْد الله ظَاهر فَيفْسد عَلَيْك جَمِيع مَا أردْت اَوْ ترى ان لَك فضلا على غَيْرك فيحبط ذَلِك جَمِيع مَا كنت فِيهِ

<<  <   >  >>