للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأكابر أَوْلَاده وَكَثِيرًا من خواصه وَحضر هَذَا الْمجْلس من أهل الْعلم ثَلَاثَة أَنا أحدهم وَكَانَ عقد هَذَا الْمجْلس لطلب المشورة فِي فتْنَة حدثت بِسَبَب بعض الْمُلُوك ووصول جيوشه إِلَى بعض الأقطار الإمامية وتخاذل كثير من الرعايا واضطرابهم وارتجاف الْيمن بأسره بذلك السَّبَب

فأشرت إِلَى الْخَلِيفَة بِأَن أعظم مَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى دفع هَذِه النَّازِلَة هُوَ الْعدْل فِي الرّعية والاقتصار فِي الْمَأْخُوذ مِنْهُم على مَا ورد بِهِ الشَّرْع وَعدم مجاوزته فِي شئ وإخلاص النِّيَّة فِي ذَلِك وإشعار الرّعية فِي جَمِيع الأقطار والعزم عَلَيْهِ على الِاسْتِمْرَار فَإِن ذَلِك من الْأَسْبَاب الَّتِي تدفع كل الدّفع وتنجع أبلغ النجع فَإِن اضْطِرَاب الرعايا وَرفع رؤوسهم إِلَى الواصلين لَيْسَ إِلَّا لما يبلغهم من اقتصارهم على الْحُقُوق الْوَاجِبَة وَلَيْسَ ذَلِك لرغبة فِي شئ آخر

فَلَمَّا فرغت من أَدَاء النَّصِيحَة انبرى أحد الرجلَيْن الآخرين وَهُوَ مِمَّن حظى من الْعلم بِنَصِيب وافر وَمن الشّرف بمرتبة علية وَمن السن بِنَحْوِ ثَمَانِينَ سنة وَقَالَ إِن الدولة لَا تقوم بذلك وَلَا تتمّ إِلَّا بِمَا جرت بِهِ الْعَادة من الجبايات وَنَحْوهَا ثمَّ أَطَالَ فِي هَذَا بِمَا يتحير عِنْده السَّامع ويشترك فِي الْعلم بمخالفته للشريعة الْعَالم وَالْجَاهِل والمقصر والكامل وَذكر أَنه قد أَخذ الجباية وَنَحْوهَا من الرّعية فلَان وَفُلَان وَعدد جمَاعَة من أَئِمَّة الْعلم مِمَّن لَهُم شهرة وَلِلنَّاسِ فيهم اعْتِقَاد وَهَذَا مَعَ كَونه عنادا للشريعة وَخِلَافًا لما جَاءَت بِهِ وجرأة على الله نصبا للْخلاف بَينه وَبَين من عَصَاهُ وَخَالف مَا شَرعه هُوَ أَيْضا مجازفة بحتة فِي الرِّوَايَة عَن الَّذين سماهم بل هُوَ مَحْض الْكَذِب وَإِنَّمَا يرْوى على بعض الْمُتَأَخِّرين مِمَّن لم يمسهُ ذَلِك الْقَائِل وَهَذَا الْبَعْض الَّذِي يرْوى عَنهُ ذَلِك إِنَّمَا فعله أَيَّامًا يسيرَة ثمَّ طوى بساطه وَعلم أَنه خلاف مَا شَرعه الله فَتَركه وَإِنَّمَا حمله على ذَلِك رَأْي رَآهُ وتدبير دبره ثمَّ تبين لَهُ فَسَاده

فَانْظُر أرشدك الله مَا مِقْدَار مَا قَالَه هَذَا الْقَائِل فِي ذَلِك الْجمع الحافل الَّذِي شَمل الإِمَام وَجَمِيع المباشرين للأعمال الدولية والناظرين فِي أَمر الرّعية وَلم

<<  <   >  >>