للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَلّمَ رَسُولَ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- مِنْهُمْ أَبُو حَارِثَةَ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَالْعَاقِبُ عَبْدُ الْمَسِيحِ، وَالْأَيْهَمُ السّيّدُ- وَهُمْ مِنْ النّصْرَانِيّةِ عَلَى دِينِ الْمَلِكِ، مَعَ اخْتِلَافِ مَنْ أَمَرَهُمْ، يَقُولُونَ: هُوَ اللهُ، وَيَقُولُونَ: هُوَ وَلَدُ اللهِ، وَيَقُولُونَ: هُوَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ النّصْرَانِيّةِ.

فَهُمْ يَحْتَجّونَ فِي قَوْلِهِمْ: «هُوَ اللهُ» بِأَنّهُ كَانَ يحيى الموتى، ويبرىء الْأَسْقَامَ، وَيُخْبِرُ بِالْغُيُوبِ، وَيَخْلُقُ مِنْ الطّينِ كَهَيْئَةِ الطّيْرِ، ثُمّ يَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَائِرًا، وَذَلِكَ كُلّهُ بِأَمْرِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ.

وَيَحْتَجّونَ فِي قَوْلِهِمْ: «إنّهُ وَلَدُ اللهِ» بِأَنّهُمْ يَقُولُونَ: لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ يُعْلَمُ، وَقَدْ تَكَلّمَ فِي الْمَهْدِ، وَهَذَا لَمْ يَصْنَعْهُ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ قَبْلَهُ.

وَيَحْتَجّونَ فِي قَوْلِهِمْ: «إنّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ» بِقَوْلِ اللهِ: فَعَلْنَا، وَأَمَرْنَا، وَخَلَقْنَا، وَقَضَيْنَا، فَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ وَاحِدًا مَا قَالَ إلّا فَعَلْتُ، وَقَضَيْت، وَأَمَرْت، وَخَلَقْت، وَلَكِنّهُ هُوَ وَعِيسَى وَمَرْيَمُ. فَفِي كُلّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ قَدْ نَزَلَ الْقُرْآنُ- فَلَمّا كَلّمَهُ الْحَبْرَانِ، قَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ:

أَسْلِمَا، قَالَا: قَدْ أَسْلَمْنَا، قَالَ: إنّكُمَا لَمْ تُسْلِمَا، فَأَسْلِمَا، قَالَا: بَلَى، قَدْ أَسْلَمْنَا قَبْلَك. قَالَ: كَذَبْتُمَا، يَمْنَعُكُمَا مِنْ الْإِسْلَامِ دُعَاؤُكُمَا لِلّهِ وَلَدًا، وَعِبَادَتُكُمَا الصّلِيبَ، وَأَكْلُكُمَا الْخِنْزِيرَ؛ قَالَا: فَمَنْ أَبُوهُ يَا مُحَمّدُ؟ فَصَمَتَ عَنْهُمَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يجبهما.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>