للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

غَزْوَةُ قَرْقَرَةِ الْكُدْرِ الْقَرْقَرَةُ: أَرْضٌ مَلْسَاءُ، وَالْكُدْرُ: طَيْرٌ فِي أَلْوَانِهَا كُدْرَةٌ، عُرِفَ بِهَا ذَلِكَ الْمَوْضِعُ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَذْكُرُ مَسِيرَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، فَقَالَ لِعِمْرَانَ بْنِ سَوَادَةَ حِينَ قَالَ لَهُ: إنّ رَعِيّتَك تَشْكُو مِنْك عُنْفَ السّيَاقِ، وَقَهْرَ الرّعِيّةِ فَدَقَر عَلَى الدّرّةِ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ سُيُورَهَا، ثُمّ قَالَ: قَدْ كُنْت زَمِيل رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَرْقَرَةِ الْكُدْرِ «١» ، فَكُنْت أُرْتِعُ فَأُشْبِعُ وَأَسْقِي فَأَرْوِي، وَأُكْثِرُ الزّجْرَ، وَأُقِلّ الضّرْبَ، وَأَرُدّ الْعَنُودَ، وَأَزْجُرُ الْعَرُوضَ، وَاضَمّ اللّفُوتَ، وَأُشْهِرُ الْعَصَا، وَأَضْرِبُ بِالْيَدِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لأغدرت [بَعْضَ مَا أَسُوقُ] «٢» أَيْ: لَضَيّعْت فَتَرَكْت، يَذْكُرُ حَسَنَ سِيَاسَتِهِ، فِيمَا وَلِي مِنْ ذَلِكَ. وَالْعَنُودُ: الْخَارِجُ عَنْ الطّرِيقِ، وَالْعَرُوضُ الْمُسْتَصْعَبُ مِنْ النّاسِ والدّوابّ.


(١) بفتح القافين، وحكى لبكرى ضمهما، وقال الدميرى وغيره: والمعروف فتحهما. وقال ابن سعد: ويقال: قرارة الكدر، وفى الصحاح: قراقر على فعالل بضم القاف اسم ماء، ومنه غزاة قراقر.
(٢) كلام عمر فى ذكر حسن سياسته. أرتع فأشبع: يحسن لرعاية للرعية، ويدعهم حق يشبعوا فى المرتع. وأضم اللفوت. فى رواية: وأنهز اللفوت، وأضم العتود. اللفوت: الناقة الضجور عند الحلب، تلتفت إلى الحالب، فتعضه، فينهزها بيده، فتدر لنفتدى باللبن من النهز، وهو الضرب، فضربها مثلا للذى يستعصى، ويخرج عن الطاعة. ولأغدرت بعض ما أسوق: أى لخلفت، شبه نفسه بالراعى ورعيته بالسرح، وروى: لغدرت، أى لألقيت ناس فى الغدر، وهو مكان كثير الحجارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>