للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَدُوّك لَا يُصْلِحُك وَلَا يُصْلِحُهُمْ إلّا ذَلِكَ، فَامْضِ عَلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ، عَلَى خِلَافِ من خالفك، وموافقة من وافقك، فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، أَيْ ارْضَ بِهِ مِنْ الْعِبَادِ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ. إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ، وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ: أَيْ لِئَلّا تَتْرُكَ أَمْرِي لِلنّاسِ، وَارْفُضْ أَمْرَ النّاسِ إلَى أَمْرِي، وَعَلَى اللهِ لَا عَلَى النّاسِ، فَلْيَتَوَكّلِ الْمُؤْمِنُونَ.

[مَا نَزَلَ فِي الْغُلُولِ]

ثُمّ قَالَ: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ، وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ، ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ: أَيْ مَا كَانَ لِنَبِيّ أَنْ يَكْتُمَ النّاسَ مَا بَعَثَهُ اللهُ بِهِ إلَيْهِمْ، عَنْ رَهْبَةٍ مِنْ النّاسِ وَلَا رَغْبَةٍ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَأْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِهِ، ثُمّ يُجْزَى بِكَسْبِهِ، غَيْرَ مَظْلُومٍ وَلَا مُعْتَدًى عَلَيْهِ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ عَلَى مَا أَحَبّ النّاسُ أَوْ سَخِطُوا كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ لِرِضَا النّاسِ أَوْ لِسَخَطِهِمْ. يَقُولُ: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى طَاعَتِي، فَثَوَابُهُ الْجَنّةُ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَاسْتَوْجَبَ سَخَطَهُ، فَكَانَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ أَسَوَاءٌ الْمِثْلَانِ! فَاعْرِفُوا. هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ لِكُلّ دَرَجَاتٌ مِمّا عَمِلُوا فِي الْجَنّةِ وَالنّارِ: أَيْ إنّ اللهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَهْلُ طَاعَتِهِ مِنْ أَهْلِ مَعْصِيَتِهِ.

[فَضْلُ اللهِ عَلَى النّاسِ بِبَعْثِ الرّسُلِ]

ثُمّ قَالَ: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ

ــ

<<  <  ج: ص:  >  >>