للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مصرع دريد]

قال ابن إسحاق: وَلَمّا انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، أَتَوْا الطّائِفَ وَمَعَهُمْ مَالِكُ ابن عَوْفٍ وَعَسْكَرَ بَعْضُهُمْ بِأَوْطَاسٍ، وَتَوَجّهَ بَعْضُهُمْ نَحْوَ نَخْلَةَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيمَنْ تَوَجّهَ نَحْوَ نَخْلَةَ إلّا بَنُو غِيَرَةَ مِنْ ثَقِيفٍ، وَتَبِعَتْ خَيْلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سَلَكَ فِي نَخْلَةَ مِنْ النّاسِ، وَلَمْ تَتْبَعْ مَنْ سَلَكَ الثّنَايَا.

فَأَدْرَكَ رَبِيعَةُ بْنُ رُفَيْعِ بْنِ أُهْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ يربوع بن سمّان ابن عَوْفِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الدّغُنّةِ وَهِيَ أُمّهُ، فَغَلَبَتْ عَلَى اسْمِهِ، وَيُقَالُ: ابْنُ لَذْعَةَ فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ- دُرَيْدَ بْنَ الصّمّةِ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ جَمَلِهِ وَهُوَ يَظُنّ أَنّهُ امْرَأَةٌ، وَذَلِكَ أَنّهُ فِي شِجَارٍ لَهُ، فَإِذَا بِرَجُلِ، فَأَنَاخَ بِهِ، فَإِذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَإِذَا هُوَ دُرَيْدُ بْنُ الصّمّةِ وَلَا يَعْرِفُهُ الْغُلَامُ، فَقَالَ لَهُ دُرَيْدٌ:

مَاذَا تُرِيدُ بِي؟ قَالَ: أَقْتُلُك. قَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ أَنَا رَبِيعَةُ بْنُ رُفَيْعٍ السّلَمِيّ، ثُمّ ضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ، فَلَمْ يُغْنِ شَيْئًا، فَقَالَ: بِئْسَ مَا سَلّحَتْك أُمّك! خُذْ سَيْفِي هَذَا مِنْ مُؤَخّرِ الرحل، وكان الرحل فى الشّجار، ثم ضرب بِهِ، وَارْفَعْ عَنْ الْعِظَامِ، وَاخْفِضْ عَنْ الدّمَاغِ، فَإِنّي كُنْت كَذَلِكَ أَضْرِبُ الرّجَالَ، ثُمّ إذَا أتيت أمّك فأخبرها أنك قتلت دربد بْنَ الصّمّةِ، فَرُبّ وَاَللهِ يَوْمٍ قَدْ مَنَعْتُ فِيهِ نِسَاءَك. فَزَعَمَ بَنُو سُلَيْمٍ أَنّ رَبِيعَةَ لَمّا ضَرَبَهُ فَوَقَعَ تَكَشّفَ، فَإِذَا عِجَانُهُ وَبُطُونُ فَخِذَيْهِ مِثْلُ الْقِرْطَاسِ، مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ أَعْرَاءً؛ فَلَمّا رَجَعَ رَبِيعَةُ إلَى أُمّهِ أَخْبَرَهَا بِقَتْلِهِ إيّاهُ، فَقَالَتْ: أَمَا وَاَللهِ لَقَدْ أَعْتَقَ أُمّهَاتٍ لك ثلاثا.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>