للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَعَلَى سَوْأَتِهِ خِرْقَةٌ وَفِي رِجْلِهِ حَبْلٌ وَخَلْفَهُ عَجُوزٌ تُمْسِكُهُ بِطَرْفِ الْحَبْلِ وَإِذَا هُوَ يَعَضُّ ذَرَاعَيْهِ فَقُلْتُ لِلْعَجُوزِ مَنْ هَذَا فَقَالَتْ ابْنُ ابْنَتِي فَقُلْتُ لَهَا مَا حَالُهُ أَبِهِ مَسٌّ مِنَ الْجِنِّ قَالَتْ لَا وَاللَّهِ لَكِنَّهُ نَشَأَ وَابْنَةُ عَمٍّ لَهُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ فَعَلِقَهَا وَعَلِقَتْهُ فَحَبَسَهَا أَهْلُهَا عَنْهُ وَمَنَعُوهَا مِنْهُ فَزَالَ عَقْلُهُ وَصَارَ إِلَى مَا تَرَى فَقُلْتُ لَهَا مَا اسْمُهُ فَقَالَتْ عِكْرِمَةُ فَقُلْتُ أَيَا عِكْرِمَةُ مَا أَصَابَكَ فَقَالَ

أَصَابَنِي دَاءُ قَيْسٍ ... وَعُرْوَةَ وَجَمِيلِ

فَالْجِسْمُ مِنِّي نَحِيلٌ ... وَفِي الْفُؤَادِ غَلِيلُ قَالَ فَتَرَكْتُهُ وَمَضَيْتُ

وَبِالإِسْنَادِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّرْخَسِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ جَارِيَةٌ ظَرِيفَةٌ حَاذِقَةٌ بِالْغِنَاءِ فَهَوِيَتْ فَتًى مِنْ قُرَيْشٍ فَكَانَتْ لَا تُفَارِقُهُ وَلا يُفَارَقُهَا فَمَلَّهَا الْفَتَى وَتَزَايَدَتْ هِيَ فِي مَحَبَّتِهِ وَأَسِفَتْ وَغَارَتْ وَوَلِهَتْ وَجَعَلَ مَوْلاهَا لَا يَعْبَأُ بِذَلِكَ وَلا يَرِقُّ لِشَكْوَاهَا فَتَفَاقَمَ الأَمْرُ بِهَا حَتَّى هَامَتْ عَلَى وَجْهِهَا وَمَزَّقَتْ ثِيَابَهَا وَضَرَبَتْ مَنْ لَقِيَهَا فَلَمَّا رَأَى مَوْلاهَا ذَلِكَ عَالَجَهَا فَلَمْ يَنْجَحْ فِيهَا الْعِلاجُ وَكَانَتْ تَدُورُ بِاللَّيْلِ فِي السِّكَكِ بَعْدَ الطَّوَفِ فَلَقِيَهَا مَوْلاهَا ذَاتَ يَوْمٍ فِي الطَّرِيقِ وَمَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ فَجَعَلَتْ تَبْكِي وَتَقُولُ

الْحُبُّ أَوَّلُ مَا يَكُونُ لَجَاجَةً ... تَأْتِي بِهِ وَتَسُوقُهُ الأَقْدَارُ

حَتَّى إِذَا اقْتَحَمَ الْفَتَى لُجَجَ الْهَوَى ... جَاءَتْ أُمُورٌ لَا تُطَاقُ كِبَارُ

قَالَ فَمَا بَقِي أحد إِلا رَحِمَهَا

فَقَالَ لَهَا مَوْلاهَا يَا فُلانَةُ امْضِي مَعَنَا إِلَى الْبَيْتِ فَأَبَتْ وَقَالَتْ شَغَلَ الْحَلْيُ أَهْلَهُ أَنْ يُعَارَا

<<  <   >  >>