للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَأَمَرَ أَنْ يُدْخَلَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ فَأُدْخِلَ فَلَمَّا مَثَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لَهُ مَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قَالَ الثِّقَةُ بِحِلْمِكَ وَالاتِّكَالُ عَلَى عَفْوِكَ

فَأَمَرَهُ بِالْقُعُودِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ أَحَدٌ أَمَرَ فَأُخْرِجَتْ إِلَيْهِ الْجَارِيَةُ وَمَعَهَا عُودٌ ثُمَّ قَالَ لَهُ اخْتَرْ فَقَالَ تُغَنِّي بِقَوْلِ قَيْسِ بْنِ الْمُلَوَّحِ

تَعَلَّقَ رُوحِي رُوحَهَا قَبْلَ خَلْقِنَا ... وَمن بعد مَا كُنَّا فطاما وَفِي الْمَهْدِ

فَعَاشَ كَمَا عِشْنَا فَأَصْبَحَ نَامِيًا ... وَلَيْسَ وَإِنْ مِتْنَا بِمُنْتَقِضِ الْعَهْدِ

وَلَكِنَّهُ بَاقٍ عَلَى كُلِّ حَالَةٍ ... وَزَائِرُنَا فِي ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَاللَّحْدِ

يَكَادُ فَضِيضَ الْمَاءِ يَخْدُشُ جِلْدَهَا ... إِذَا اغْتَسَلَتْ بِالْمَاءِ مِنْ رِقَّةِ الْجِلْدِ

وَإِنِّي لَمُشْتَاقٌ إِلَى رِيحِ جِيبِهَا ... كَمَا اشْتَاقَ إِدْرِيسُ إِلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ

فَغَنَّتْ ثُمَّ قَالَ تَأْمُرُ لِي بِرَطْلٍ فَشَرِبَهُ ثُمَّ قَالَ تُغَنِّي بِقَوْلِ جَمِيلٍ

عَلَقْتُ الْهَوَى مِنْهَا وَلِيدًا فَلَمْ يَزَلْ ... إِلَى الْيَوْمِ يُنْمَى حُبُّهَا وَيَزِيدُ

وَأَفْنَيْتُ عُمْرِي بِانْتِظَارِ نُوَالِهَا ... وَنِلْتُ بِذَاكَ الدَّهْرَ وَهُوَ جَدِيدُ

فَلا أَنَا مَرْدُودٌ بِمَا جِئْتُ طَالِبًا ... وَلا حُبُّهَا فِيمَا يُبِيدُ يَبِيدُ

إِذَا قُلْتُ مَا بِي يَا بُثَيْنَةُ قَاتِلِي ... مِنَ الْحبّ قَالَت ثَابت وَيزِيد

وَإِنِّي قُلْتُ رُدِّي بَعْضَ عَقْلِي أَعِشْ بِهِ ... مَعَ النَّاسِ قَالَتْ ذَاكَ مِنْكَ بَعِيدُ

فَغَنَّتْ فَقَالَ لَهُ سلميان قُلْ مَا تُرِيدُ قَالَ تَأْمُرُ لِي بِرَطْلٍ فَشَرِبَهُ ثُمَّ قَالَ تُغَنِّي بِقَوْلِ قَيْسِ بْنِ ذُرَيْحٍ

لَقَدْ كُنْتُ حَسْبَ النَّفْسِ لَوْ دَامَ وُدُّنَا ... وَلَكِنَّمَا الدُّنْيَا مَتَاعُ غُرُورِ

وَكُنَّا جَمِيعًا قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ الْهَوَى ... بِأَحْسَنِ حَالِي غِبْطَةٍ وَسُرُورِ

فَمَا بَرِحَ الْوَاشُونَ حَتَّى بَدَتْ لَنَا ... بُطُونُ الْهَوَى مَقْلُوبَةً بِظُهُورِ

<<  <   >  >>