للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَرَأَتْ بِهِ زَمْعًا فَحَسِبَتْ أَنَّهُ جَائِعٌ فَدَفَعَتْ إِلَيْهِ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ جَفْنَةً فِيهَا طَبِيخٌ مِنْ لَحْمِ طَيْرٍ قَدْ رَاحَ بِهِ رِعَاؤُهُمْ فَطَفِقَ يَأْكُلُ أَكْلَ مَسْلُوسٍ فَظَنَّتِ الْفَتَاةُ أَنَّهُ عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِنَ الْخَافِي فَخَرَجَتْ مِنْ كَسْرِ الْبَيْتِ تُرِيدُ بِيتَ أُخْتِهَا لَيْلَى وَسَمِعَ حَفِيفَ ثَوْبِهَا فَخَرَجَ مُعَارِضًا لَهَا بِالسِّيفِ فَضَرَبَهَا عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهَا وَسَمِعْتُ لَيْلَى الْوَجْبَةَ فغدت عَلَيْهِ بهراوة وَأدبر فابتعته الْفَتَاةُ فَأَصَابَتْ خِشَاشَهُ فَتَتَعْتَعَ فَسَقَطَ ثُمَّ انْتَعَشَ فَغَدَا هَارِبًا وَقَالَ فِي ذَلِكَ

إِنَّ لِلَيْلَى بَيْنَ أُذُنِي وَعَاتِقِي ... كَضَرْبَةِ سَلْمَى يَوْمَ نَعْفِ الشَّقَائِقِ قَالَ وَاسْتَصْرَخَ أَبُوهَا وعمها وإخواتها فَأَقْبَلُوا وَيَأْوِي أَبُو الْبِلادِ فِي قَارَةٍ حِذَاءَ أَبْيَاتِهِمْ فَكَانَ يَكُونُ فِيهَا نَهَارَهُ وَيَنْحَدِرُ بِاللَّيْلِ فَيَتَنَوَّرُ نَارَ أَهْلِهَا وَهِيَ تَضْرِبُ بِنَفْسِهَا فِي ثِيَابٍ لَهَا بِهَا عَلَزُ الْمَوْتِ فَيَرَاهَا فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ أَبُوهَا فَقَالَ مَا كُنْتُ لأَقْتُلَ وَلَدًا يُولد

وَقَالَ أَبُو الْبِلادِ وَهُوَ يَرَى نَارَ سَلْمَى الَّتِي كَانَتْ تُوقَدُ لَهَا قَبْلَ الْمَوْتِ

يَا مَوْقِدَ النَّارِ وَهْنًا مَوْقِدَ النَّارِ ... بِجَانِبِ الشِّيحِ مِنْ رَقَصَاتِ أَعْيَارِ

يَا مَوْقِدَ النَّارِ أَشْعِلْهَا بِعَرْفَجَةٍ ... لِمَنْ تَنَوَّرَهَا مِنْ مُدْلِجٍ سَارِي

نَارٌ تُضِيءُ سُلَيْمَى وَهِيَ حَاسِرَةٌ ... سُقْيًا لِمُوقِدِ تِلْكَ النَّارِ مِنْ نَارِ

قَالَ فماتتت سليمى وَلَمْ يَزَلْ بِأَبِي الْبِلادِ بَعْدَ ذَلِكَ وَسْوَسَةٌ وَبَهْتَةٌ حَتَّى مَاتْ

<<  <   >  >>