للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَعَلَّكِ عَاشِقٌ لَئِنْ سَمِعْتُكِ تَعُودِينَ لِمِثْلِ هَذَا لأَضْرِبَنَّ ظَهْرَكِ وَبَطْنَكِ فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ

فَإِنْ يَضْرِبُوا ظَهْرِي وَبَطْنِي كَلَيْهِمَا ... فَلَيْسَ لِقَلْبٍ بَيْنَ جَنْبَيَّ ضَارِبُ فَطَلَّقَهَا

وَعِلاجُ هَذَا الْمَرَضِ مِنْ جِنْسِ مَا تَقَدَّمَ إِلا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى قُوَّةٍ شَدِيدَةٍ فِي الْعَزْمِ عَلَى الْغَضِّ وَهَجْرِ الْمَحْبُوبِ قَطْعًا بَتًّا ليعود بالغض غض نَبَاتُ الْمَحَبَّةِ الَّذِي سُقِيَ بِمِيَاهِ النَّظَرَاتِ هَشِيمًا

وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا انْقَطَعَتْ مِيَاهُ الْوَادِي نَسَفَتْهُ الرِّيَاحُ وَأَنْشَفَتْهُ فَعَادَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ

وَدَوَامُ الْبُعْدِ عَنِ الْمَحْبُوبِ يَعْمَلُ فِي مَحْوِ مَا نُقِشَ فِي الْقَلْبِ فَيَمْحُوَ الْيَسِيرَ مِنْهُ بَعْدَ الْيَسِيرَ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ كَمَا أَنَّ مُرُورَ الزَّمَانِ يَمْحَوُ أَثَرَ الْمُصِيبَةِ مِنَ الْقَلْبِ

وَمَتَى اشْتَدَّتِ الْعَزِيمَةُ فَقَطَعَتِ الطَّمَعَ وَمَكَّنَتِ الْيَأْسَ ثُمَّ أُجِيلَ الْفِكْرُ فِي خَوْفِ الْعَوَاقِبِ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةِ فِي الأُخْرَى وَكُرِّرَ عَلَى النَّفْسِ مَا سَبَقَ مِنْ ذَمِّ الْهَوَى وَمَا فَعَلَ بِأَرْبَابِهِ فَأَضْنَاهُمْ وَأَمْرَضَهُمْ وَأَذْهَبَ دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ وَجَاهَهُمْ بَيْنَ النَّاسِ فَاسْتَغَاثُوا بَعْدَ الْفَوْتِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُنَاذِرَ

مَنْ فَتًى أَصْبَحَ فِي الْحُبِّ ... مسقاه الْحُبُّ سُمَّا

كُلَّمَا أَخْفَى جَوَى الْحُبِّ ... عَلَيْهِ الدَّمْعُ نَمَّا

سَاهِرٌ لَا يَطْعَمُ النَّوْمَ ... إِذَا اللَّيْلُ ادْلَهَمَّا

كُلَّمَا رَاقَبَ نَجْمًا ... فَهَوَى رَاقَبَ نَجْمَا

يَا ثِقَاتِي خَطَمَ الْحُبُّ ... لَكُمْ أَنْفِي وَزَمَّا

<<  <   >  >>