للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُعْرَضُ حَسَنَةٌ كَامِلَةُ الْوَصْفِ قَالَ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِي ثُمَّ مَضَيْتُ إِلَى دَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّاضِي فَقَالَ لِي أَيْنَ كُنْتَ إِلَى السَّاعَةَ فَعَرَّفْتُهُ فَأَمَرَ بَعْضَ أَسْبَابِهِ فَمَضَى فَاشْتَرَاهَا وَحَمَلَهَا إِلَى مَنْزِلِي فَجِئْتُ فَوَجَدْتُهَا فَعَلِمْتُ الأَمْرَ كَيْفَ جَرَى فَقُلْتُ لَهَا كُونِي فَوْقَ إِلَى أَنْ أَسْتَبْرِئُكِ وَكُنْتُ أَطْلُبُ مَسْأَلَةً قَدِ اخْتَلَّتْ عَلَيَّ فَاشْتَغَلَ قَلْبِي فَقُلْتُ لِلْخَادِمِ خُذْهَا وَامْضِ بِهَا إِلَى النَّخَّاسِ فَلَيْسَ قَدْرُهَا أَنْ تَشْغَلَ قَلْبِي عَنْ عِلْمِي

فَأَخَذَهَا الْغُلامُ فَقَالَتْ دَعْنِي أُكَلِّمُهُ بِحَرْفَيْنِ فَقَالَتْ أَنْتَ رَجُلٌ لَكَ مَحل وعقل وغذا أَخْرَجْتَنِي وَلَمْ تُبَيِّنْ لِي ذَنْبِي لَمْ آمُنْ أَنْ يَظُنَّ النَّاسُ بِي ظَنًّا قَبِيحًا فَعَرِّفْنِيهِ قَبْلَ أَن تخرجني فَقلت لَهَا مَالك عِنْدِي عَيْبٌ غَيْرَ أَنَّكَ شَغَلْتِنِي عَنْ عِلْمِي فَقَالَتْ هَذَا أَسْهَلُ عِنْدِي

قَالَ فَبَلَغَ الرَّاضِي أَمْرَهُ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ فِي قَلْبِ أَحَدٍ أَحْلَى مِنْهُ فِي صَدْرِ هَذَا الرَّجُلِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ الْعَرُوضِيُّ قَالَ اجْتَمَعْتُ أَنَا وَهُوَ عِنْدَ الرَّاضِي عَلَى الطَّعَامِ وَكَانَ قَدْ غَرَفَ الطَّبَّاخُ مَا يَأْكُلُ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ يَشْوِي لَهُ قَلِيَّةً يَابِسَةً فَأَكَلْنَا نَحْنُ مِنْ أَلْوَانِ الطَّعَامِ وَأَطَيَابِهِ وَهُوَ يُعَالِجُ تِلْكَ الْقَلِيَّةَ ثُمَّ فَرَغْنَا وَأُتِينَا بِحَلْوَاءَ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا وَقَامَ وَقُمْنَا إِلَى الْخَيْشِ فَنَامَ بَيْنَ الْخَيْشَيْنِ وَنِمْنَا نَحْنُ فِي خَيْشٍ نُنَافِسُ فِيهِ فَلَمْ يَشْرَبْ مَاءً إِلَى الْعَصْرِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ لِغُلامٍ الْوَظِيفَةُ فَجَاءَهُ بِمَاءٍ مِنَ الْحُبِّ وَتَرَكَ الْمَاءَ الْمُزَمَّلَ بِالثَّلْجِ فغاظني أمره فَصحت نصحية فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِإِحْضَارِي وَقَالَ مَا نَصِيحَتُكَ فَأَخْبَرْتُهُ وَقُلْتُ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَحْتَاجُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَدْبِيرِ نَفْسِهِ لأَنَّهُ يَقْتُلُهَا وَلا يُحْسِنُ عِشْرَتَهَا فَضَحِكَ وَقَالَ فِي هَذَا لَذَّةٌ وَقَدْ صَارَ إِلْفًا فَلَنْ يَضُرَّهُ ثُمَّ قُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ

<<  <   >  >>